كل الآراء
هل يضايق الوافدون السكان الأصليين في أميركا؟
الخميس 08 أغسطس 2019
5
السياسة
د. حمود الحطابالمقالات السابقة التي كتبتها عن أسباب العنصرية في تكوين عقل الإنسان، واتجاهاته النفسية السلبية ضد الآخرين، كنت قاصدا منها مقدمة طويلة لا بد منها لمقالة اليوم التي تتحدث عن حوادث الكراهية والعنصرية التي نفذها عنصريون في الولايات المتحدة الأميركية، حقيقة هم لا يمثلون الاتجاهات العامة للشعب الأميركي الذي تعرفته عن قرب في زيارتي السياحية الأخيرة، التي استمرت نحو اثنين وأربعين يوما، طفنا فيها في ولايات عدة كبيرة، منها نيويورك وكاليفورنيا والتي زرنا فيها مدنا عديدة.لكن هل الوافدون في المجتمع الأميركي عموما يمثلون القيم الأميركية ويلتزمون بها، وهل افعالهم وسلوكياتهم وتعاملهم يؤدي لاحترامهم وحسن تقديرهم من قبل الشعب الأميركي، أم أن معظم الوافدين يشكلون قوة من الارتجالية والفوضوية وعدم الانضباط، وعدم مراعاة القوانين في الحياة الأميركية التي تتقيد بالدقة بالانضباط والنظام والعلمية؟مارأيناه في الولايات المتحدة من الخارجيين عموما لا يمثل الانضباط ولا يتماشى مع الحياة والقيم النظامية الأميركية، وهذه ملاحظاتنا الخاصة بنا. في نيويورك التي يكثر فيها الوافدون والجنسيات المتنوعة، فأصحاب الفوضى الذين يدوسون على زهور الحدائق بأحذيتهم كما مثلت في المقالة السابقة، هم من العناصر الوافدة، فالعرب المقيميون في نيويورك واعدادهم كبيرة؛ نسبة كبيرة منهم غير منضبطين في سلوكيات قيم النظافة، على اقل تقدير كما رأينا؛ فهم باعة متجولون في الشوارع لديهم تصريح بعربات لبيع المأكولات الخفيفة، وقد رأينا أن الأماكن التي حول عرباتهم، وهي تملأ كل شوارع نيويورك تسيل حولها المياه، وترمى حولها زجاجات الماء الفارغة.اكثر من ذلك فهم يملؤون شوارع نيويورك بروائح شواء اللحم في عرباتهم، وقال لي بعض الخبراء في هذا الصدد إنهم يوهمون العرب والمسلمين الزائرين لنيويورك بأن اللحوم التي يبيعونها لحوم العجل والضان، بينما هي لحوم الخنزير.المهم في هذه السلوكيات غير الانضباطية أنهم حولوا روائح شوارع نيويورك وكأنها روائح شوارع في حارات بلادهم، كما حولوا الشوارع التي يبيعون فيها بضائعهم شوارع متسخة بالمخلفات الورقية، واعقاب السجائر وزجاجات الماء الفارغة، وسيول من المياه حول عرباتهم؛ وهم بهذا يشكلون عبئا حضاريا على بلدية مدينة نيويورك المشهورة بناطحات سحابها العظيمة، واسواقها العالمية العديدة. وما شاهدناها في مساقط شلالات نياغرا، وهي تتبع نيويورك، تنظيما من الآسيويين الذين افتتحوا لهم المطاعم هناك، يشابه ما فعله العرب في نيويورك من حيث الانضباط السلوكي الحضاري في مجال الصحة والنظافة والتزام الآداب العامة، التي كسروا بها قيما مهمة يعتز بتكوينها الشعب الأميركي، وقد كتب بعض الهنود السيخ على عرباتهم كلمة حلال باللغة العربية؛ فهل كل هذا يجلب محبة السكان الأصليين للوافدين او المتجنسين؟ نعود الى ولاية نيويورك التي تكثر فيها سيارات الـ"تاكسي" التي يقودها عموما وافدون او متجنسون من اصول وجنسيات وعرقيات مختلفة، من الصين وبنغلاديش والنيبال والهند وكوريا وافريقيا.لقد رأينا بأنفسنا أن من يسيء لقوانين المرور هم من بعض هذه الجنسيات، ومن ذلك تلاعبهم بعدادات السيارات، وأخذهم زيادات في المال فوق حقهم عبر هذا التلاعب، كما أنهم يتعمدون تضليل السائح الذي لا يعرف الطرق باللف والدوران الزائد عن الحاجة في الشوارع، لكسب أميال عديدة؛ وقد نبهنا بعضهم الى مثل هذا التلاعب، فقد كنا نتابع المسافة عن طريق "غوغل"، فيرد علينا السائق بأنه يحاول ايصالنا بطريقة افضل بزعم انه يتجنب الشوارع المزدحمة وهذا كذب.في ذات مرة ركبنا مع سائق "تاكسي" آسيوي من دولة عظمى، فبمجرد أن اشرنا اليه بالوقوف توقف في وسط الشارع في قلب نيويورك، ولم يهتم بأنه اوقف الشارع كله ريثما يقرأ العنوان الذي كتبناها على الهاتف، ما اغضب الشارع كله، وجعلهم يستعملون ابواق السيارات بشكل عصبي.كان عليه ان يقف في مكان مخصص للوقوف ثم يتفاوض معنا قبل صعودنا الى السيارة؛ وعند وصولنا للفندق اوقف سيارته ايضا بمنتصف الطريق العام المزدحم، وكانت خلفه حافلات وسيارات كانت اقربها اليه حافلة سياحية ذات دورين مكشوف سقفها، تقل السائحين، ما اغضب الشارع كله، وأحرجنا من دون ذنب منا. هناك مشاهد عدة لسوء تصرف الوافدين ما يؤدي بالطبع الى احتقارهم، والتعنصر ضدهم، لأنهم يفسدون قيم وحضارة البلد. فإذا رأينا ثورة عنصرية ضد الأجانب في مختلف البلدان فمن مثل هذه السلوكيات، التي قلنا عنها إنهم يدوسون على الزهور بأحذيتهم عند قطع الحدائق. إنهم يدوسون ما بنته قيم الآخرين الإيجابية بأحذيتهم؛ وأظن أن حادثتي اطلاق الرصاص التي اشتم منها رائحة العنصرية في تكساس واوهايو الاسبوع المنصرم، كانت بالتأكيد لمثل هذه الاسباب، إضافة للخطابات السياسية المحرضة ضد المهاجرين، او ضد المتغربين، التي اطلقها بعض الساسة، ومن دون شعور بمدى تأثيرها السلبي؛ وهناك اسباب عدة أخرى....والحديث في هذا الموضوع لن يجف مداده ولن ترفع صحفه. الى اللقاء.كاتب كويتي