كل الآراء
وداعاً ... جلالة السلطان قابوس بن سعيد
السبت 11 يناير 2020
5
السياسة
د.أحمد الحسينيبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، تلقينا خبروفاة المغفور له، بإذن الله، صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان الشقيقة، وفي هذا المصاب الجلل، لا يسعنى إلا أن أتذكر إنجازات ذلك الرجل العظيم الذي استطاع عبر نهجة الاقتصادي وحكمته السياسية المتوازنه أن يضع بلده في مقدمة الدول العربية في جميع المجالات.فعلى المستوى المحلي كرّس اهتماماته بالعمل على النهوض بسلطنة عمان في جميع المجالات حتى أصبحت السلطنة في مصاف الدول المتقدمة ثقافيا واقتصاديا وسياسيا، فقد شهدت عمان خلال عهده انتعاشا اقتصاديا نتج عنه تصدير النفط التجاري لدول العالم، كما أنه كان يؤمن بأن العمل الاقتصادي والتطور لا يمكن أن يتحققا من خلال العمل العشوائي غير المنظم، إذ أنه دأب على التخطيط السليم للاقتصاد العماني من خلال وضع الخطط الستراتيجية التي نتجت عنها الخطط الخمسية التي تبنى عليها المشاريع الوطنية لكل خمس سنوات.ومن أبرز إنجازات فقيدنا إيمانه بالجانب الديمقراطي الذي بُنيت عليه عمان الحديثة، حيث إنه عمل على نقل السلطنة من الحكم القبلي التقليدي إلى الحكم النظامي الديمقراطي، فبدأت أولى خطوات المشهد الديمقراطي في عمان بإنشاء المجلس الاستشاري للدولة، الذي استمر لسنوات عدة، وعندما وجد الفقيد بأن الحياة تتطور وأن الديمقراطية من حوله في دول العام تتسع، أنشأ مجلس الشورى وهو مجلس استشاري تشرف عليه هيئة تنفيذية تُعرف بمجلس عمان، وإيمانا منه ايضا بأن الديمقراطية هي روح التطور والتقدم وضع في اعتباره الا يكون تأسيس المجلس عن طريق التعيين بل يتم من خلال الانتخاب عبر صناديق الاقتراع على أن يمثل أعضاؤه جميع الأقاليم العمانية. اما على المستوى السياسي الاقليمي، فقد كان للفقيد دور بارز في رسم سياسة سلطنة عمان، حيث بدأ تلك السياسة منذ بداية تأسيس مجلس التعاون الخليجي، فكان لعُمان دور بارز في هذا المجلس الى جانب شقيقاتها دول المنظومة الخليجية من خلال رسم السياسات المشتركة التي من شأنها تحقيق الرخاء لابناء شعوب المنطقة، كما نستذكر في هذا المقام موقف السلطان قابوس بن سعيد اثناء الغزو الصدامي الغاشم على دولة الكويت بتسخيره جميع امكانات السلطنة للكويت وشعبها ومشاركة الجيش العماني في تحرير الكويت من الطاغية صدام حسين.اما على مستوى السياسة الخارجية لعُمان، فقد رسم، المغفور له باذن الله، السلطان قابوس سياسة متوازنة للسلطنة حيث تركز على شؤونها الداخلية، ولم يسجل تاريخها في عهد الفقيد حالة واحدة لمحاولات عمان التدخل في شؤون الدول الأخرى، أو دول الجوار، بل كانت عمان تلتزم الحياد الايجابي الذي حظيت بفضله على احترام جميع دول العالم ما حدا بكثير من الدول إلى اللجوء لمسقط لتكون وسيطا في كثير من القضايا في المنطقة وخارجها لتقريب وجهات النظر. نقطة آخر سطر:رحل جلالة السلطان قابوس بن سعيد إلى جوار ربه تاركا خلفه سلطنة متكاملة الأركان، دولة لها ثقلها السياسي فقد نأت بنفسها عن كثير من المشاكل السياسية العالمية والاقليمية ما جعلها تحظى باحترام جميع دول العالم ، كما ترك خلفه شعبا حضاريا قادرا على حمل راية التقدم والنمو والازدهار بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق بن سعيد بن تيمور، واخيرا لا يسعنا الا ان نعزي انفسنا قبل ان نعزي الشعب العماني الشقيق بهذا المصاب الجلل، داعين الله سبحانه وتعالى، أن يرحم فقيدنا ويسكنه فسيح جناته ، وان يسدد خطى السلطان هيثم بن سعيد لما يحب ويرضى.كاتب كويتي@alhussinidr