الأولى
/
الافتتاحية
يا ولاة الأمر... ردَّد هارون الرشيد: "إنما العاجزُ مَنْ لا يستبد"
الخميس 06 أبريل 2023
1130
السياسة
أحمد الجاراللهيُذكر في التاريخ أنَّ البرامكة تسلَّطوا في عهد هارون الرشيد، بعد أن فوَّض يحيى بن خالد البرمكي على بيت المال تفويضاً كاملاً، ووكَّل ابنه الفضل بن يحيى على تربية ابنه الأمين، فكان أن البرامكة أمنوا العقوبة حتى أساؤوا الأدب، فأوعز أحد خصومهم لجارية بأن تغني أبيات الشاعر عمر بن أبي ربيعة أمام الرشيد التي قال فيها:"ليت هنداً أنجزتنا ما تعدْوشفت أنفسَنا مِمّا تَجدْواستبدَّت مرةً واحدةًإنما العاجزُ مَنْ لا يستبدْ" فجعل الرشيد وهو المعروف بأنه حاكمٌ عادلٌ يُكرِّر قولَهُ: "إنما العاجز مَنْ لا يستبد"، فالحاكم العادل هو من استبد في لحظة من أجل خير الأمة.قلنا ونُكرر: إنَّ ما تحتاجه البلاد هو قرار حازم يوقف كلَّ هذا العبث، الذي نشهده على كلِّ الجبهات، وكأنَّ هناك انقلاباً من جهات عدة، كل واحدة تطمح لأن تكون الإمرة بيدها، تقرر ما تريد وفق مرئيات، هي تدرك قبل غيرها أنها ليست من اختصاصها، إنما هناك دستورٌ واضحٌ لا لبس فيه في ما يتعلق بالصلاحيات لكلِّ مؤسسة، وعلى رأسها سمو أمير البلاد.إذ وفقاً للدستور "يتولى الأمير السلطة التشريعية، وكذلك السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية تتولاها المحاكم باسم الأمير، وهو رئيس الدولة"، وبالتالي فإن سموه أبو السلطات، وهو المؤتمن على الدستور، وله قرار الحرب والسلم.مفاد ذلك أن هناك مَنْ يعمل على تقويض هذه الصلاحيات، سواءً كان في مجلس الأمة أو السلطة التنفيذية، وهذا الأمر بدأ منذ نحو ثلاثين عاماً، وترسخ كنهج أصاب البلاد في مقتل، وتسبب لها بأزمات عدة طوال الفترة الماضية، وصلت إلى جعلها وكأنها مصابة بطاعون يهرب منه كلُّ الناس.ما نُشر في الآونة الأخيرة لا يدلُّ على خير أبداً، بل هناك لغة لم نسمع بها منذ وجدت الديمقراطية في الكويت، في الوقت الذي أصبحت التنمية أشبه بالحلم لكلِّ مواطن، وتعطلت كلُّ القطاعات، فإن كانت العلة في مجلس الأمة، فليُحل، أو يُعلق لسنوات مادام أنه لم يخدم الكويت في شيء، أما إن كانت المشكلة في الحكومة، فيجب تعيين من لديهم القدرة على الإدارة التنفيذية وفقاً لما هو معمول به في كلِّ دول العالم.أما أن تبقى الحال على هذا النحو من الضجيج الإعلامي والضخ الخبيث، والتصريحات التي تقرع طبول الحرب، فهذا يعني أنَّ البلاد متروكة على غارب الفوضى، وهو أمر استفاد البعض منه سابقاً في الخارج، ورأى فيه النظام العراقي البائد فرصة للانقضاض على الكويت، واحتلالها.ما يجري هو هدر للوقت والمال، ويزيد من ضعف الدولة أمام التطورات الحساسة الدولية والإقليمية، ورسم خرائط التحالفات وربما الجغرافيا، وبالتالي لا بد من الاستقرار والتنمية؛ لأنَّ فيهما الازدهار، وذلك لا يتمُّ إلا بقرار حازم وحاسم من ولي الأمر، فهو لديه كلُّ الصلاحيات وفقاً للدستور، الذي إن كان بحاجة إلى تطوير فليكن، أما أن تبقى الحال على هذا النحو من الفوضى فهو أمر لم يعد يُطيقه أيُّ مواطن، وهنا علينا أن نتذكر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاء رجل إليه وقال: "أُرسِلُ ناقتي وأتوكَّلُ؟"، فقال النبيُّ: "اعقِلْها وتوكَّلْ".