الثلاثاء 10 سبتمبر 2024
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
يا ولاة الأمر… 29 حكومة وماذا استفدنا؟
play icon
الافتتاحية

يا ولاة الأمر… 29 حكومة وماذا استفدنا؟

Time
الثلاثاء 14 نوفمبر 2023
View
251
sulieman

منذ تحرير الكويت إلى اليوم، شُكلت 29 حكومة، وفي العقدين الأخيرين فقط كانت هناك 19، وهذا ليس دليل عافية، إنما يوحي بمشكلة كبيرة، وعدم رؤية جادة لمقاربة الملفات بين مجلس الأمة والحكومات المتعاقبة، لأن هناك زحفا نيابيا على صلاحيات الوزراء، وعلى رئيس مجلس الوزراء، لهذا لسان حال المواطن دائما هو: ماذا أنجزت تلك الكثرة من الحكومات؟
الجواب لا يحتاج إلى كثير من البحث، فالأمر واضح، وهو الإرباك، وعدم اتخاذ القرار، أو التردد فيه، فالأمر سيان، إذ إن كيلهما يدل على الفساد، وهو أعظم الإنجازات التي يمكن تسجيلها لمجالس الوزراء كلها منذ العام 1991 حتى اليوم.
لا شك أن ذلك ضيّع اتجاه البوصلة، لأن الأهداف الوزارية انحصرت في "السلامة من المساءلة"، أو تمرير المطالب غير القانونية للنواب، أو تنفيذ أجندات حزبية، أو تحقيق مصالح متنفذين، فيما كان كل همّ الرؤساء المحافظة على مناصبهم أطول فترة ممكنة، والحرص على إضعاف الخصوم من بيت الحكم.
ذلك لا يبني دولة، ولا يمكنه تأمين الاستقرار، لأن الاهتمام بالشأن الشخصي على حساب المصالح الوطنية يزعزع هوية الدولة، ويتسبب في إضعافها، ويثير حنق المواطن الذي ينظر إلى الدول المجاورة، فيجدها تسابق الزمن في التنمية والتطور، فيما بلاده قابعة بدائرة شعار ساذج هو "الله لا يغير علينا" أو "الكويت غير، لأن فيها ديمقراطية"، وبالتالي، فالمواطن "يقبض من دبش".
هذه الشعارات تسببت في تغيير المزاج الكويتي العام الذي كانت ثقافته تقوم على الانفتاح والتسامح والمبادرة الفردية، فيما اليوم تقوم على الشك والريبة من الجميع، الشقيق والصديق، ولهذا أقفلت البلد لأن الرؤية قاصرة عما يمكن الاستفادة من الآخر، أكان مستثمراً أو زائراً، ولهذا ضاعت الفرص علينا، وأصبحت الكويت طاردة للاستثمار.
أضف إلى ذلك، أن التخبط في القرارات كان السبب الأساس في تشويه هيبة الدولة، فحين يرضخ وزير التربية ومدير الجامعة لنائب وينفذ قراره، أو يُستجوب وزير لأنه لم يستقبل أحد النواب الذي كان يسعى إلى تخليص معاملة، أو تهرب وزيرة من المساءلة لأنها لم تكن على قدر المسؤولية، أو يخالف رئيس مجلس وزراء الدستور بالامتناع من الوقوف على منصة الاستجواب، وكأنه يقول للجميع "كيفي"، فهذا يدل على عدم إدراك معنى المسؤولية الكبيرة للمسؤول!
ثمة الكثير من القرارات التي صدرت تحت ضغط نيابي، وأثبتت التجربة أنها كانت مؤذية للمصلحة الوطنية، فيما هناك أخرى حوربت رغم أنها تفيد الكويتيين، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، القروض، الإسكان، التعليم والصحة.
لهذا، فإن كل القضايا معلقة لأن البرامج الحكومية عبارة عن قص ولزق أو نسخ مشوه من سابقاتها، أو جمل إنشائية، وكأنها في مسابقة تعبير، وليست سلطة تنفيذية عليها مسؤوليات كبيرة، أهمها النهوض بالبلاد، وتنفيذ الدستور والقانون بأمانة، وليس عقد الصفقات على ظهر الشعب، كما يحدث عندنا.
اليوم الجميع أمام الامتحان الصعب، فإما يعاد تصويب البوصلة بالاتجاه الصحيح، وتتمتع الحكومة بقرارها دون انتقاص، فيما يتخلى المجلس عن الزحف على صلاحياتها، وإما يرسب الجميع، وهذا ما لا يريده الكويتيون.

أحمد الجارالله

آخر الأخبار