د.معراج أحمد معراج الندويالنظام العالمي الجديد يدعو الناس إلى المساهمة في الحياة الإنسانية من خلال جملة من القيم المشتركة مثل حب الخير للناس ومساعدتهم واحترام الغير وبسط سلطان العدل والمساواة والحرية، إنّ بين الإسلام والمسيحيّة علاقات فكرية وطيدة للعناصر المشتركة بينهما في الدين والقيم الأخلاقيّة.لقد كرم الله عز وجل بني آدم كلهم بمعزل عن لونهم أو عرقهم أو أنسابهم، يقول تعالى:"ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"، فقد جاء الإسلام ليؤكد على أصالة الكرامة الإنسانية وليرسخ في الإنسان إحساسه بكرامته لأنها هي جوهر إنسانيته وأساس حياته، فقد راعت المبادئ الإسلامية تجاه الحياة الإنسانية على أنه خليفة الله في الأرض. وفي المسيحية خُلق الإنسان على صورة الله تعالى بحيث جاء في الإنجيل:"فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وأنثى". فالإنسان هو الصورة الحية المتحركة للإله الكائن المطلق على سطح الأرض، والإنسان في العقيدة المسيحية هو صورة لله رب الكون. لقد ضمن الإسلام حرية الاعتقاد للناس كافة، ومنع الإكراه على الدين، وقرر التسامح الديني مع سائر الأديان السماوية، مما لا يعرف التاريخ له مثيلا، لأن الإسلام لا يلزم البالغ العاقل من غير المسلمين على الدخول في الإسلام بقوله تعالى: "لا إكراه في الدين". والحرية هي من مميزات المسيحية، فالله حسب العقيدة المسيحية، قد ترك الناس أحرارا حتى في الأوقات التي انحرف فيها البعض إلى إنكار الله أو إلى رفضه، الحرية التي أكدت عليها المسيحية هي حرية في العقيدة وحرية في السلوكيات، فالحرية إذا في المسيحية مرتبطة بالانضباط وبوصايا الله وبالقانون بل وحتى بالنظام العام. تنطلق الأخلاق العامة في الإسلام والمسيحية من المبادئ الرئيسة المشتركة نفسها وتدور على المحاور الأساس ذاتها لتشكل سلمًا للقيم والمناقب، وقواعد السلوك تكاد تكون واحدة في العقيدتين، فالمُثل الإسلامية التي تنير حياة المسلم وعيشه تلتقي في الكثيرمن المجالات مع المثل التي تنير وجود المسيحي وأصول حياته الأرضية. ويشير الإنجيل إلى أمثلة عدة أرادها الوحي الإلهي نماذج لما يمكن أن يكون عليه سلم القيم والأخلاق والآداب والمثل في المسيحية. تقوم العلاقات الاسلامية المسيحية على أسس سليمة تبرز أهمية نشر قيم الدين في صلاح الافراد والمجتمعات، ترتكز هذه العلاقة الفكرية بين الإسلام والمسيحية على الاحترام المتبادل والعمل معاً على حفظ العدالة الاجتماعية والقيم الاخلاقية والسلام والحرية وتنميتها لجميع الناس، وهذه المهمة المشتركة ملحة بشكل خاص تدعو الى التضامن في اعادة بناء مجتمع مؤهل باضطراد للعيش المشترك. إن الإنسان ينفرد بالتمتع بالكرامة الإنسانية التي تتأصل فيه ولصيقة بشخصه لمجرد كونه إنسانا مهما كان جنسه أو لونه أو عرقه، فان الكرامة الإنسانية لصيقة في كل كائن بشري وكل فرد لأن الطبيعة البشرية في الفلسفة المسيحية والإسلام هي ملك مشترك يستهدف إلى توفير مناخات يعيش فيها الانسان بكرامة ويكون ذلك عندما يسود منطق الحق والقوانين العادلة. استاذ مساعد، قسم اللغة العربية وآدابهاجامعة عالية، كولكاتا - الهند
[email protected]