

السكن العمودي… باكورة حلول الأزمة الإسكانية
وزراء سابقون وخبراء في العقار أكدوا لـ"السياسة" استحالة المضي في نهج توزيع القسائم
- بورسلي: شركات المقاولات المحلية تتعرَّض لحرب شرسة لتنفيع المنافس الأجنبي
- السميط: المواطن يُمكن أن يتقبل السكن في شقة إذا كان التصميم جيداً
- الحميدي: القضية تحتاج قراراً حازماً والقطاع الخاص يُمكنه تغطية الطلبات



ناجح بلال
طالب وزراء إسكان سابقون ونشطاء في القطاع العقاري بضرورة تقليص مدة الحصول على الرعاية السكنية من خلال تفعيل مشاركة القطاع الخاص ليسهم بكل موارده مع الدولة في حل أزمة الإسكان مع أهمية التوسع في بناء المدن الإسكانية فضلا عن اعتماد الية السكن العمودي لحل الأزمة الاسكانية.
وطالبوا في لقاءات مع "السياسة" بضرورة اتخاذ قرارات حاسمة لتخفيف معاناة المواطن الإسكانية، واتفقوا على أهمية قيام المؤسسة العامة للرعاية السكنية بالاتفاق مع شركات عالمية لوضع التصميمات والاشراف على البناء ليتم وفق التصميمات حتى يتسلم المواطن بيتا دون أي مخالف للمواصفات، فيما رفض بعضهم الاعتماد على الشركات العالمية بحيث تعطي الأولوية للشركات المحلية، واليكم التفاصيل:
الحل في 7 سنوات
رأى وزير الاشغال العامة وزير الدولة لشؤون الاسكان الاسبق بدر الحميدي أن توفير الرعاية السكنية يعد من العناصر الهامة لتحقيق الاستقرار المعيشي للمواطن، موضحا أن تراكم الطلبات الاسكانية من الأمور التي تزيد في عرقلة الحل.
وأوضح أن الحل الواقعي يمكن أن يكون من خلال التوسع في المدن الاسكانية عن طريق مناقصات عالمية على أن تحدد الشروط من الجهة المختصة وهي المؤسسة العامة للرعاية السكنية كما يجب ألا تزيد المدة الزمنية للتنفيذ عن ثلاث سنوات مع طرح توصيل الكهرباء لهذه المدن تزامنا مع التنفيذ.
وبين الحميدي أن القضية الإسكانية تحتاج إلى قرار حازم لمواجهة الزيادة في عدد الطلبات الإسكانية، موضحا أن القطاع الخاص سواء العالمي أو الخليجي لديه القدرة على تغطية كثير من هذه الطلبات في غضون 7 سنوات ولا سيما أن هذا القطاع يمتلك الكثير من القدرات المرتبطة بإنشاء المدن الاسكانية.
وأضاف: إن إشراك القطاع الخاص يمكن أن يتم أيضا عبر نظام (بي.أو.تي)، ولاسيما أن هذا الأمر سيحرر الاقتصاد الكويتي وسيسهم في خلق فرص العمل بالاضافة لتخفيف أعداد الطلبات الاسكانية، موضحا أنه عندما كان وزيراً للإسكان تقدم بمقترح لتخفيض أسعار القسائم السكنية لكن لم يتحقق إلى الآن.
الشقق خيار مناسب
على صعيد متصل، أكد وزير الاسكان الاسبق يحيى السميط أنه أول من طالب الدولة بضرورة بناء المزيد من المدن الإسكانية في المناطق البعيدة، حيث يمكن من خلال ذلك حل الجزء الأكبر من المشكلة الإسكانية، واعرب في الوقت ذاته عن تأييده اعتماد البناء العمودي "نظام الشقق"، لافتا إلى أن المواطن يمكن أن يتقبل فكرة السكن في شقة عندما يتم تصميمها بصورة رائعة بحيث لاتقل عن 300 متر مع توفر كل الخدمات بها سواء الأساسية أو الترفيهية ولا سيما أن من يحصل على الرعاية السكنية من خلال البناء العمودي سيكون قسطه الاسكاني بحدود 60 دينارا وسيسدد الإجمالي في فترة زمنية قصيرة بخلاف أقساط البيوت.
وأوضح أن المواطن يمكن أن يتأقلم مع السكن في شقة خاصة وأنه يصعب أن تسير البلاد في طريق تسليم القسائم إلى ما لا نهاية في ظل صغر مساحة الدولة مع زيادة أعداد المواطنين، مطالبا الحكومة بالتسويق الجيد للبناء العمودي مع أهمية أن توضح للمواطن بأن الأبراج السكنية ستقام بطريقة تحفظ خصوصية كل مواطن بحيث تقام الشقة على دور كامل مع توفر أكبر عدد من المصاعد مع ضرورة أن يراعى فيها التصاميم الحديثة.
وأضاف السميط: إن عدم تقبل المواطن للبناء العمودي يعود الى فشل الحكومات السابقة في التسويق لهذا النوع من الإسكان، مستشهدا على ذلك بتجربة مجمع الصوابر الذي كلف الدولة المليارات وفي نهاية المطاف تم هدمه بعد فشل تلك التجربة.
وألمح الى ان الدولة إذا كانت ترغب حقا في الاتجاه نحو البناء العمودي فعليها أو بناء مدن إسكانية تعتمد فيها على بناء أبراج متعددة الطوابق وتشمل كافة الخدمات الأساسية والترفيهية والمساجد والمخافر.
وذكر أنه عرض على المرحوم الشيخ سعد العبد الله -رحمه الله- فكرة تصميم بيوت بنظام الشقق في العاصمة على أن تكون الشقة 250 مترا على دورين، وبهذا تصبح الشقة 500 متر فضلا عن طرح فكرة بناء محلات أسفل العقارات ويتم تأجيرها وتوزع عوائدها على السكان مع ضرورة أن يكون هناك اتحاد ملاك لكل عقار شريطة أن تكون وزارة الاسكان عضوا في الاتحاد.
وتمنى السميط تحقيق هذه الفكرة على أرض الواقع لأن أراضي الكويت محدودة، وذكر أن إشكالية تسليم البيوت الجاهزة للمواطن أن الكثير من المواطنين كانوا يقومون بتكسير الواجهات وبعض الحوائط الداخلية وكان هذا الأمر يكلف المواطن.
وأيد السميط فكرة تسليم البيوت جاهزة للمواطنين على أن تتبنى المؤسسة العامة للرعاية السكنية عدة نماذج في البناء من خلال التصميمات بحيث يكون لكل قطعة نموذج بناء ويختار المواطن النموذج الذي يراه مناسبا له.
وشدد السميط على أهمية الاتفاق بين الدولة ووزاة النفط على التوسع في بناء المدن الاسكانية الجديدة في الاراضي التي ليس تحتها نفط لافتا الى أن الكويت بها مساحات من الأراضي تسمح بالتوسع العمراني.
كما أكد أهمية اتفاق المؤسسة مع شركة عالمية لتقوم بوضع التصميمات والاشراف على البناء ليتم وفق التصميمات حتى يستلم المواطن بيت غير مخالف للمواصفات، مشيرا الى أن فكرة المطور العقاري يتبعها من يريد الاستثمار في الاسكان كما هو الحال بالنسبة للرهن العقاري.
حرب شرسة
في الاطار نفسه، قال رئيس اتحاد شركات المقاولات د.صلاح بورسلي: إن شركات المقاولات المحلية بإمكانها بناء الكثير من المدن الاسكانية وحل المشكلة الاسكانية برمتها لكن هناك حربا شرسة تتعرض لها من أجل تنفيع الشركات الخارجية من خلال الوكيل المحلي، مبينا أن الشركات العالمية تتأخر في التنفيذ مستشهدا على ذلك بالشركة الصينية التي تقوم بمشروع مدينة المطلاع.
وذكر بورسلي أن الشركات المحلية إذا حصلت على مناقصة من الحكومة تعاني خلال فترة التنفيذ؛ اذ تحصل على مستحقاتها بشق الأنفس وهذا مايؤثر على طبيعة عملها وعلى دفع رواتب عمالتها، وتساءل: لماذا لم تنظر الدولة -التي وقعت العقود أخيرا مع دولة كبرى لتنفيذ مشاريع إسكانية- إلى الشركات المحلية؟! وهل يعقل أن الشركات العالمية ستأتي بمعداتها من موطنها أو أنها ستستخدم المعدات الكويتية وكذلك مواد البناء المحلية؟! مؤكدا عدم وجود أي ميزة لدخول الشركات العالمية.
وبين د.بورسلي أن تحويل بعض الأراضي من سكني الى "استثماري" حقق ثروات طائلة للبعض، اذ إن سعر الألف متر في منطقة العارضية على سبيل المثال وصل لمليون دينار علما بأن سعر الألف متر قبل تحويلها لاستثماري كانت من 250 إلى 300 ألف دينار.
وتابع قائلا: إن المواطن يفضل أن يبني بيته بنفسه حيث إن التصميمات المعتمدة لدى المؤسسة لا تلبي طموحاته، فضلا عن أنها تخلو من السراديب والديوانيات أو ملاحق العمالة المنزلية، مبينا أن الدولة لو بنت المدن الإسكانية وسلمت المواطن البيت به كل مطالب المواطن فهذا الأمر سيشجع الفئة العظمى من المواطنين على تسلم البيوت لا سيما وأن قيمة القرض الإسكان لا تكفي.
واكد أن مساحة القسائم التي توزع على المواطنين تختلف من منطقة لأخرى، مستشهدا على ذلك بأن الحكومة وزعت 600 متر على المواطنين في منطقة صباح الأحمد لتشجع المواطن على السكن في تلك المنطقة في حين انها كانت تمنح 400 متر فقط في مناطق أخرى، لافتا الى أن كلفة البناء تراوح من 110 آلاف إلى 120 الف دينار حسب الخامات والديكورات الأفضل وكذلك الحال بالنسبة للمصاعد، مشددا على أهمية زيادة القرض الإسكاني حتى يتمكن المواطن من تنفيذ بيته بالصورة التي يرتضيها لنفسه.
1.5 مليار دينار كلفة "بدل الإيجار" خلال 7 سنوات
كشفت احصاءات رسمية أن كلفة بدل الإيجار للمواطنين مستحقي الرعاية السكنية خلال السنوات المالية الـ7 الماضية بلغ نحو 1.5 مليار دينار.
وبينت وزارة الأسكان ان عدد المستفدين من بدل الإيجار في السنة المالية (2021/ 2022) بلغ 132720 مواطنا، وفي السنة المالية (2020/ 2021) بلغ عددهم 125772 مواطناً صرف لهم 231.2 مليون.