

اليقين يتملك الأغبياء
حوارات
يقول أحد الحكماء: المشكلة في العالم أنّ الشكَّ يتملك الأذكياء، واليقين يتملك الاغبياء (تشارلز بوكوفسكي)، وهو يشير بالطبع إلى المفارقة الغريبة التي تتمثل في كون الشخص الغبي أكثر ثقة بتفكيره المضطرب، وبقراراته الشخصية الفوضوية، من الإنسان الذكي اللبيب الذي من المفترض أن يكون أكثر قدرة على ممارسة التفكير النقدي، والأكثر تمكنًا من اعتناق الرأي المستنير، واتخاذ القرار الصائب.
ومن بعض أسباب يقين الاغبياء، وشكِّ الاذكياء، وفقًا لوجهة نظري المتواضعة، نذكر ما يلي:
-يقين الاغبياء: يشعر الغبي بالثقة التامة بنفسه وقدراته الفكرية المحدودة، بسبب غلبة الحمق في شخصيته، وبسبب ترسّخ القفز في الاستنتاجات الفكرية في عقله الخفيف.
وبسبب انغماسه في طيش السلوك، وحماقة التصرفات، وزلات اللسان، وربما بسبب اختلاطه الدائم بأغبياء يتشابهون معه ويدعمونه معنويًّا على جهله، أو أشخاص خبثاء يتمتعون بالسخرية منه كونه أضحوكة مفضلة لهم.
وستجد من يزوّر شهاداته ومؤهلاته "العلمية" من هؤلاء النفر الغبي، وتفضحهم لاحقًا ضحالة تفكيرهم وعجزهم عن منافسة الأذكياء، أو أصحاب المؤهلات العلمية الحقيقية.
- شكُّ الأذكياء: يشكّ بعض الاذكياء بفعالية تفكيرهم المنطقي، إما بسبب إفراطهم في استعماله، وانفصالهم عن الواقع المحيط بهم تباعًا، وإما بسبب ترددهم الشديد في اتخاذهم لقراراتهم الشخصية بسبب تعمقهم المفرط أيضًا في التفكير الزائد عن الحد.
وبسبب كون يقينهم الفكري والمعرفي يبدو انه يتعارض بشدة مع الميول الاجتماعية العامة المحيطة بهم، والتي تنبع من تفكير جمعي عامّي للغاية.
وربما بسبب مراعاتهم المفرطة لمشاعر بعض الاغبياء حولهم، وتسبب حيائهم المتكلِّف منهم في التقليل من قيمة استنتاجاتهم الفكرية وقراراتهم الصائبة، وربما بسبب انغماسهم في التفكير المسهب في سيناريوهات حياتية منطقية بالنسبة لهم، لكنها يستحيل أن تنجح في البيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها.
وبالإضافة إلى ما سبق، يعاني بعض الاذكياء من المثالية غير الواقعية، لا سيما التي تؤدي الى تقاعسهم أحيانًا عن استعمال آلياتهم الذهنية النيّرة لتحقيق أهدافهم، ولعدم استعمالهم لمقومات النجاح المتوافرة لهم في المجتمع، فلعل وعسى أن يستيقظ الاذكياء قبل أن يخنقهم جاثوم الاغبياء.
كاتب كويتي
@DrAljenfawi
د. خالد عايد الجنفاوي