

قانون مكافحة احتكار الأراضي… "دواء مُر لمرض وهمي"!
العقاريون منقسمون حوله… والأغلبية تراه إعادة إنتاج لتشريعات فشلت في المعالجة
- الصبيح: سيجد كثيراً من المصفقين لكنه قطعاً بلا نتائج ملموسة ولا أثر
- الغانم: سيؤدي إلى مزيد من التلاعب وأي رسوم ستضاف إلى أسعار الأراضي
- بورسلي: سيقضي على الاحتكار فهناك بيوت وصل سعرها إلى مليوني دينار
- الطحنون: يحد من الملكية الخاصة وبداية لتطبيق الضرائب في الكويت
- السميط: الرسوم ستضغط على المحتكرين للإسراع بالبيع وقد يسهم في تراجع الأسعار





تحقيق ـ ناجح بلال
أقر مجلس الامة الاربعاء الماضي وبإجماع الحضور المداولة الثانية لمشروع قانون مكافحة احتكار الأراضي الفضاء، وأحاله إلى الحكومة.
القانون يفرض رسما سنويا مقداره عشرة دنانير على كل متر مربع يزيد على مساحة ألف وخمسمائة متر مربع لقسائم السكن الخاص غير المبنية المملوكة لأحد الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين سواء كانت هذه القسائم في موقع واحد أو مواقع متعددة وفي مشروع واحد أو في مشاريع متعددة، ويزداد الرسم سنوياً ثلاثين ديناراً حتى يبلغ مائة دينار في السنة للمتر المربع.
كما يحظر إتمام إجراءات نقل الملكية أو إصدار توكيل بالتصرف أياً كانت صورته في أي من القسائم التي لم تسدد عنها الرسوم. ويحظر على الشركات والبنوك والمؤسسات الفردية التعامل بالبيع أو الشراء أو الرهن أو إصدار حوالة حق أو إصدار توكيل بالتصرف للغير أو قبول وكالة بالتصرف عن الغير في القسائم أو البيوت المخصصة لأغراض السكن الخاص.
ويقف احتساب الرسم المقرر على القسيمة متى اكتمل البناء وتم إيصال التيار الكهربائي، ولا تعتبر القسيمة مبنية إلا إذا بلغت مساحة البناء نسبة 50% من مساحتها.
وبينما أبدى أعضاء مجلس الامة حماسا هائلا للقانون، الذي أكدوا أنه يمثل حلا حاسما للقضية الاسكانية، وأنه سيقضي على ما أطلقوا عليها "مافيا العقار" وسيتكفل بخروجها من التداول في السكن الخاص، كان لخبراء العقار والاسكان واهل الميدان رأي آخر!
فعلى الرغم من اعتقاد جزء من هذا القطاع بأن القانون يمكن أن يكون خطوة على طريق الحل؛ أكدت الأكثرية أنه "ليس عصا موسى" وأن الازمة أكبر منه.
ورأى هذا الفريق ذاته أن القانون الذي احتفي به بوصفه حلا قد يكون هو ذاته مشكلة أو أزمة تستدعي الحل مستقبلا، فيما اعتبر أكثر المختصين تشاؤما أن القانون "دواء خطأ لمرض متوهم".
معالجة لقضية وهمية
ضمن الفريق الأخير، قال وزير الاسكان الأسبق د.عادل الصبيح: إن قانون الاراضي الفضاء معالجة لقضية وهمية لا وجود لها ولا اثر، إذ لا يوجد احتكار بالمعنى الصحيح، فملكية اراضي تزيد عن 1500 متر مربع لا يعتبر احتكارا على اطلاقه.
وأوضح أن اشتراط بلوغ نسبة البناء في القسيمة 50 في المئة فأكثر لاعتبارها مبنية ومن ثم يتم اعفاؤها من الرسوم سيدخل عشرات الالاف من البيوت القائمة ذات الدور الواحد في حيز اراضي الفضاء ـ التي يستحق دفع رسوم عنها ـ وسيخلق ازمة.
وإذ أكد أن من السهل التحايل وتوزيع العقارات على الاقارب والاصدقاء ما سيفتح ابوابا جديدة للنزاع، تساءل الصبيح: كيف سيتم التعامل مع الشركاء في الارض الفضاء من حيث حساب عدد الامتار؟ لافتا إلى أن هناك أراضي فضاء عليها نزاع ورثة او مع الغير ما يعطل التصرف بها حسب القانون وبالتالي ستأكلها الضريبة.
وأضاف: إن كان الهدف خفض الأسعار بزيادة المعروض فمن المؤكد أن أثر القانون سيكون اقرب الى العدم، ولن يخفض الاسعار بل ان كل ما سيُدفع من ضرائب سيُضاف للاسعار كما حدث في الماضي، وسيدفع ذلك البعض الى تجنب الضريبة عبر البناء والتأجير في المناطق السكنية على اوسع نطاق.
واشار الى ان القانون يمنع التملك بغرض تطوير الاراضي وبالتالي سيحرم الناس من التطوير وزيادة العرض، كما يمنع الرهن ما سيحرم الناس من التمويل لغرض شراء القسائم السكنية وبناء المساكن. واعتبر الصبيح القانون الاخير امتدادا للقوانين السابقة الفاشلة نصا ومحتوى مثل القانون رقم (50) لسنة 1994 في شأن استغلال القسائم والبيوت، والقانون (8) لسنة 2008 بشأن الاراضي السكنية اللذين لم يكن لهما فعالية ولا اثر، لافتا الى ان الفرق الوحيد تقليص المساحة من 5 آلاف م٢ الى 1500 م٢ ورفع البناء من 200 م٢ الى 40% من مساحة القسيمة وخلص الصبيح إلى القول: "للأسف هذا القانون سياسي ومتوافق مع المزاج العام وسيجد كثيرا من المصفقين له؛ لكنه قطعا بلا نتائج ملموسة ولا اثر".
نوايا الحكومة طيبة
في الاطار نفسه، استغرب أمين سر اتحاد العقاريين قيس الغانم وجود قانون يتم بموجبه فرض رسوم على الأراضي الفضاء إذا وصلت عند مالكها 1500 الف متر، مشيرا إلى أن الحكومة نفسها هي التي تملك الأراضي بحدود 90 إلى 93% وما يملكه القطاع الخاص لا يزيد عن 7% إلى 8 %، متسائلا: هل ستدفع الحكومة الرسوم للحكومة؟!
ورأى الغانم أن نوايا الحكومة طيية لكن الأفضل لحل أزمة ارتفاع أسعار الأراضي في الكويت ان تطرح نسبة من الاراضي التي تحتكرها من أجل احداث توازن أسعار العقار والأراضي معا، مستشهدا على ذلك بالمملكة العربية السعودية التي شعرت بمشكلة زيادة أسعار الاراضي فقامت بطرح الكثير من الأراضي وبناء على ذلك تراجعت أسعار العقارات والاراضي بشكل عام.
واعرب الغانم عن خشيته من يؤدي القانون الى مزيد من التلاعب، لافتا الى ان أي رسوم سيدفعها التاجر ستضاف الى أسعار الاراضي ولهذا فإن القانون سيكون بداية لزيادة أسعار الاراضي
دول شيوعية
بدوره، قال الخبير الاقتصادي د.منصور المهنى: إن القانون لا يتفق مع الحرية الشخصية في التملك، وأنه يصب في التضييق على حرية الامتلاك وكأن الكويت أصبحت من الدول الشيوعية.
من جانبه، اعتبر المحامي عذبي الطحنون أن "القانون بداية لتطبيق الضرائب في الكويت بصورة أوضح"، مؤكدا أنه يحد من الملكية الخاصة.
قصر في أوروبا
في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي ووزير الاسكان الأسبق يحيى السميط أن القانون يمكن أن يسهم بالفعل في تراجع أسعار الأراضي في البلاد التي بلغت معدلات غير طبيعية، لافتا الى ان الرسوم التي تضمنتها المادة الأولى من القانون تعد نوعا من الضغط على محتكري الأراضي لسرعة بيعها
أما الخبير العقاري رئيس إتحاد شركات المقاولات د.صلاح بورسلي فقال:إن قانون الاراضي الفضاء بالفعل سيقضي على احتكار الاراضي لا سيما وأن هناك مافيا تملك مساحات شاسعة من الاراضي ما أدى الى رفع أسعار العقارات بصورة غير طبيعية، موضحا أن هناك بيوتا عادية وصل سعرها الى مليوني دينار أي ما يعادل 6 ملايين دولار وهو مبلغ يكفي لشراء قصر في أوروبا.
وبين د.بورسلي أن أسعار الاراضي في الكويت اعلى بكثير من دول المنطقة، متوقعا أن يقضي القانون على الاحتكار ويساهم في حل جزء من المشكلة الاسكانية المتمثلة في ندرة الأراضي وارتفاع أسعارها.
امتداد لقانوني (50) لسنة 1994 و(8) لسنة 2008
اعتبر الوزير الاسبق عادل الصبيح القانون الاخير امتدادا للقوانين السابقة الفاشلة نصا ومحتوى مثل القانون رقم (50) لسنة 1994 في شأن استغلال القسائم والبيوت، والقانون (8) لسنة 2008 بشأن الاراضي السكنية اللذين لم يكن لهما فعالية ولا اثر، لافتا الى ان الفرق الوحيد تقليص المساحة من 5 آلاف م٢ الى 1500 م٢ ورفع البناء من 200 م٢ الى 40% من مساحة القسيمة
أثره أقرب إلى العدم
خلص وزير الاسكان الاسبق عادل الصبيح الى أن:
- معالجة لقضية وهمية لا وجود لها
- اشتراط بناء 50 % سيخلق ازمة
- أراضي الورثة والمتنازع عليها ستأكلها الضريبة
- أثره سيكون اقرب الى العدم وسيرفع الاسعار
- امتداد للقوانين السابقة الفاشلة نصا ومحتوى
الحل من منظور الصبيح
رأى د.عادل الصبيح أن الحل الحقيقي يكمن في زيادة العرض عن طريق
- تنشيط وتعدد محاور تلبية الرعاية السكنية.
- التطوير والبيع لعموم المواطنين بالمزاد.