المحلية
2021 ... عام القرارات العشوائية والارتجالية والتخبُّط الحكومي
السبت 18 ديسمبر 2021
5
السياسة
* القرارات الأخيرة غير مدروسة ولا يسندها منطق ولا ترجى منها فائدة أو مصلحة * "منع تجديد رخص القيادة للوافدين" كان ذروة التخبُّط والعشوائية ويكشف عن خلل هيكلي * "الداخلية" التزمت الصمت التام و"المريب" 4 أيام رغم سيل الأخبار المُتداولة عن "البلوك"* حديث الطريجي عن إيقاف القرار أثار موجة من التساؤلات عن أسباب سكوت الوزارة * بعد صمت استمرَّ 4 أيام تحدثت "الداخلية": لا قرار بسحب الرخص وما يُتداول غير صحيح! كتب ـ محرر الشؤون المحلية:ربما يكون عام 2021 الذي يلملم اوراقه ويستعد للرحيل خلال أيام "عام التخبط الحكومي بامتياز"، ففيه وخلاله عرف المواطنون والوافدون في الكويت قرارات ما انزل الله بها من سلطان، لا يدعمها عقل ولا يسندها منطق ، ولا ترجى منها فائدة أو مصلحة، حتى ليقف المراقب المدقق والحصيف حائرا ومتسائلا عما اذا كان هناك من يتعمد اصدار مثل هذه القرارات المتخبطة، فقط لمجرد احراج الحكومة واصابة المشمولين بها بالاكتئاب والاحباط ؟! يندرج تحت هذا العنوان قرارات "عدم تجديد اذون العمل للوافدين الذين بلغوا سن الـ60 من حملة الثانوية العامة فما دونها "، و"منع اصدار تأشيرات دخول لرعايا 8 دول، هي : اللبنانية والسورية والعراقية والباكستانية والإيرانية والأفغانية واليمنية والسودانية "، وأخيرا وضع بلوك على رخص الوافدين بحيث يمنع اصدارها أو تجديدها". وكانت الحكومة اصدرت في اغسطس 2020 ـ وعلى خلفية الانتشار العالمي لوباء كورونا ـ قرارا بحظر الطيران التجاري من وإلى 32 دولة استمر العمل به شهورا. واذا كان القرار الأخير جاء في سياق جهود التصدي للوباء والحفاظ على النظام الصحي في البلاد ومنع انهياره امام موجات الاصابة، فإن القرارات الثلاثة الأولى ، بحسب كثيرين لم تكن مفهومة أو مبررة، وتندرج في سياق العشوائية والتخبط، حتى ان بعضها لم يصدر مكتوبا ولم يعلن عنه بشكل رسمي، لكنه صدر بناء على تعليمات شفهية من هذا المسؤول او ذاك، وقد لا يجد الباحث دليلا قاطعا على صدوره في أي ورقة رسمية، لكنه نافذ و معمول به بالفعل . ذروة التخبط والعشوائية ـ بحسب المراقبين ـ كانت مع قرار "منع تجديد رخص القيادة للوافدين" الذي يكشف عن خلل هيكلي في بنية ونهج العمل الحكومي، فقبل أسبوع تقريبا كانت البداية مع خبر تداولته الصحف ووسائل الاعلام بعنوان يشير الى قيام وزارة الداخلية بعمل "بلوك" على نحو 247 ألف رخصة قيادة للوافد، ما يعني عمليا شطب 34.5 في المئة من الرخص، بحيث يمنع تجديد الرخص إلا بعد تحديث البيانات الخاصة بمقدم الطلب لدى هيئة القوى العاملة خاصة فيما يتعلق بالراتب والمؤهل الدراسي والمسمى الوظيفي.وأوضحت أن الخطوة تأتي وفقا لتوجيهات وكيل وزارة الداخلية الفريق الشيخ فيصل النواف بـ "فلترة" رخص القيادة للوافدين وربطها بالمؤهل الدراسي والمسميات الوظيفية. بعدها نشر خبر اخر عن اغلاق النظام الالي لمعاملات رخص القيادة بحيث يمنع قبول اي معاملة عليها، كل ذلك والوفدون يعيشون أسوأ كوابيسهم، يسألون ولا مجيب، ومن دون ان تحرك وزارة الداخلية ساكنا، رغم تحذيرات دوائر اقتصادية من خطورة القرار الذي يهدد بشلل كامل في عدد كبير من القطاعات وخسائر مالية طائلة وشلل اقتصادي.استمر صمت "الداخلية" ، حتى خرج النائب عبد الله الطريجي نهاية الاسبوع الماضي بتغريدة له عبر حسابه على تويتر يعلن فيها ان "وزير الداخلية أبلغه بإيقاف قرار سحب رخص القيادة من الوافدين".وفيما تنفس الوافدون الصعداء، شنت صحف ووسائل اعلام هجوما عنيفا على وزارة الداخلية ، ومبررات صمتها ودواعي سكوتها متساءلة عن اسباب عدم خروج ادارة العلاقات العامة والاعلام الامني بأي تصريح او بيان تفند فيه المسألة ، وتجلي الحقائق. وردا على تلك الحملة وبعد صمت استمر نحو اربعة ايام خرجت وزارة الداخلية الجمعة بيانا قالت فيه انه "لا يوجد قرار أو تعميم صادر بخصوص إيقاف أو سحب رخص القيادة للمقيمين " مؤكدة ان كل ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الشأن غير صحيح. واعتبرت أن ما حصل إجراء روتيني اعتيادي قامت به ادارة نظم المعلومات بالتنسيق مع ادارة المرور لإعادة تطوير النظام وتحديث بيانات الرخص الصادرة تأكيدا على استيفاء الشروط المدرجة بالقرار الوزراي رقم ( 270 / 2020 ) عبر عملية استبدال رخص القيادة القديمة بالرخص الجديدة الذكية.قصة "رخص الوافدين" كانت تكررت بحذافيرها في ملف "وافدي الـ60" من الحاصلين على الثانوية العامة فما دونها، ففي اغسطس 2020 أصدر مدير هيئة القوى العاملة أحمد الموسى، القرار رقم "520" لسنة 2020، بحظر إصدار إذن عمل لمن بلغ 60 عاماً ومافوق من حملة شهادات الثانوية العامة وما دونها مايعادلها من شهادات، على ان يعمل به اعتباراً من مطلع يناير 2021 ، وفي أكتوبر 2021 أكدت إدارة الفتوى والتشريع في الكويت ان قرار "القوى العاملة" غير سليم ومخالف للقانون والدستور، ويعتبر باطلاً ويجب إلغاؤه.وبعد أيام قليلة، أصدرت الدائرة الإدارية الأولى في المحكمة الكلية حكما بإلغاء قرار دير العام القوى العاملة بإصدار لائحة قواعد وإجراءات منح الإذن بالعمل مع ما يترتب على ذلك من آثار.وكنتيجة مباشرة لكل تلك التطورات قرر مجلس إدارة هيئة القوى العاملة ، بشكل رسمي إلغاء القرار، فيما اصدر قرارا جديدا يجعل تجديد إذن العمل لهذه الفئة ، مقابل 500 دينار سنوياً بالإضافة إلى تأمين صحي. ورغم مرور ايام واسابيع على الغاء قرار عدم التجديد وصدور اخر يسمح بذلك،لا يزال وافدوا الـ60 يعانون الامرين، بانتظار "عطف" شركات التامين، واتفاقها على رسوم التأمين الصحي التي سيتوجب عليهم دفعها سنويا كشرط لتجديد اذون عملهم، حيث لا تزال معاملاتهم موقوفة ولا يقبلها النظام الالي ، وفيما يقوم البعض بتمديد اقامته شهرا بعد آخر على أمل وضع حد لمأساتهم ، اضطر اخرون الى المغادرة، وكانهم يلقون "جزاء سنمار" بعد كل ما قدموه خلال عقود من العمل في البلاد أفنوا خلالها شبابهم. الخلاصة ـ وبحسب مراقبين ـ أن القرارات العشوائية والارتجالية وغير المدروسة، لم تعد مجرد خطأ عابر، يحدث مثله في الكثير من دول العالم ، بل أصبحت "نهجا مستقرا " وتحول الى معضلة حقيقية، لا تليق بحكومة ترفع شعار "كويت جديدة في 2035"، ويسيء الى سمعة الكويت التي استقر عالميا أنها "بلد الانسانية".ويرى المراقبون أن "ضبط التركيبة السكانية واصلاح الاختلالات" ـ وحل أزمة المرور أهداف نبيلة، لا خلاف عليها، يجب حلها وفق رؤى واضحة وقرارات مدروسة بعناية، تراعي الابعاد الاجتماعية والاقتصادية كافة على قاعدة " لا ضرر ولا ضرار".