"3000 ليلة" مخيفة ومرعبة في سجون الاحتلال

كتب - فالح العنزي:


عندما يكون الواقع هو الركيزة الرئيسية التي تنطلق منها القصة وعندما تكون ترجمة الأحداث بتوقيع المخرجة مي المصري، فتأكد بأنك ستكون أمام الفيلم السينمائي الفلسطيني "3000 ليلة"، الذي اجتاح الكثير من المهرجانات السينمائية وحصد الكثير من الجوائز الرسمية والإشادات وأيضا واجه الحرب تلو الأخرى، لأنه غاص في عمق القضية الفلسطينية ولم يأت من الخيال بل ترك للشخوص الحقيقية أن تتحدث.. تقول، تفعل ما تشاء، ثماني سنوات بـ "3000 ليلة" كاملة قضتها الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية لم تحبط من عزيمتهن أو صبرهن أو قوتهن، نعم ضعفت "ليال" أو ميساء عبدالهادي بطلة القصة، التي زج بها في السجن ظلما، تهمة باطلة كالعادة، في داخل السجن كان الوجع، الألم، التعذيب، الخوف، الهلع والظلم، كان كل شيئ، وكان أيضا الأمل، "طفل" يكسر الأسوار ويطل من نافذة الحلم ليقول فلسطين حرة.
ضمن الأسابيع الثقافية وبالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أقيم أسبوع الأيام الفلسطينية وعرض مجموعة من أهم ما أنتجته السينما الفلسطينية بينها فيلم "3000 ليلة" للمخرجة مي المصري وبطولة مجموعة من الممثلات الفلسطينيات والأردنيات، عندما يكون هناك مخرج مدرك للنص بين يديه ويتصفحه كما يتجرع المظلوم عذابات الظلم تكون الرؤية الإخراجية مستحقة وتكون الحبكة الدرامية هي الفيصل، مي لم تخرج ببطلاتها خارج أسوار الزنزانة، ليال "الحامل"، والسجينات الأخريات كل واحدة منهن تمثل قصة كفاح، منهن لا تزال شديدة البأس "ركين" ومنهن لا تقوى على الهوان واستسلمت وخارت قواها ماذا تفعل وفي احشائها جنين ينبض وينمو، هل تعمل، واشية، كاذبة ومخادعة، عاطفة الأمومة تحركها، هلعها على جنينها يحركها، حب الأرض يأسرها تارة ويدميها تارات، وبين هذا وذاك يوجد جندي صهيوني يجلد ظهرها يوميا بالحزام، يدوس على رأسها ببسطاره العسكري المدبب والغليظ، سجانة تصبحها ببصقة وتمسيها بصفعة، تطلب منها ان تنظف أوساخ حذائها وإلا...؟، ماذا تفعلين يا "ليال"؟.
يمثل الفيلم من دون مبالغة نقلة نوعية في تاريخ السينما الفلسطينية ليس كونه حاصلا على عدة جوائز انما لوجود جهود جبارة عملت على توافر كافة عناصر الفيلم المتكامل من حبكة درامية ارتكزت على نص واقعي، ممثلين يؤدون دورهم بمصداقية، مخرجة متمكنة تعرف ما تفعل ومتى تفعل؟ سيناريو محكم، موسيقى تصويرية منتقاة بعناية، جمل حوارية مرعبة ومميتة ومخيفة في آن واحد، صورة سوداوية تنجلى تدريجيا مع انتفاخ بطن "ليال"، تفاصيل دقيقة ولحظات مؤثرة، نقلتها وسائل الإعلام.
شارك في الفيلم مجموعة من الممثلات منهن ميساء عبدالهادي، راندة ادون، نادرة عمران، ركين سعد، أناهيد فياض، هيفاء الآغا وغيرهن، وهو من انتاج فلسطيني أردني بتمويل خليجي.