الخرطوم، عواصم - وكالات: عمت المسيرات الشعبية الضخمة العاصمة السودانية الخرطوم، ونحو 25 مدينة من مدن البلاد، بالتزامن مع مسيرات أخرى في نحو 45 مدينة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، وذلك احتجاجا على استيلاء القوات المسلحة على السلطة، واعتقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وعدد من الوزراء في الحكومة الانتقالية، ورفضا لإعلان القائد العام للجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء، وإعفاء عدد من الديبلوماسيين والمسؤولين.واحتشد أمس، نحو أربعة ملايين سوداني في شوارع مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، ونحو 25 مدينة سودانية، وكان الشعار الأساسي للتظاهرات هي "الردة مستحيلة".واستبق "مليونية" 30 أكتوبر، أمس، حالة من الشلل التام، منذ الإثنين الماضي، التي طالت العديد من المدن السودانية، في ظل إغلاق كامل للمدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والشركات والأسواق والمحال التجارية، وسط تواجد أمني مكثف، من عناصر الشرطة، والجيش، وقوات الدعم السريع.وأمس، انطلقت أولى التظاهرات من حيي الشجرة والحمادات في العاصمة، وقبلهما انطلقت تظاهرة أخرى في حي الكلاكلات، وانتشرت قوات الأمن بكثافة في شوارع الخرطوم وأغلقت الجسور المقامة على النيل التي تربط مناطق الخرطوم ببعضها.وأقامت القوات أيضا نقاط مراقبة في الشوارع الرئيسية قامت بتفتيش المارة والسيارات، ودعا مكتب رئيس الحكومة السودانية المعزولة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية إلى الامتناع عن استخدام العنف، قائلا في بيان إن السلطات عمدت إلى قطع كل وسائل الاتصالات عن الهواتف المحمولة والهاتف الأرضي والإنترنت، ومتهما ما سماها سلطات الانقلاب بالتخطيط لافتعال أحداث تخريبية في مناطق متفرقة، بحثا عن مسوقات للإفراط في العنف.وكشف البيان أن أجهزة الأمن شنت حملة اعتقالات واسعة ضد أعضاء لجان المقاومة في مناطق مختلفة.في المقابل قال قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان إنه لا اعتراض على التظاهر السلمي وهو حق مكفول ومشروع.وأوضح، أن القوات الأمنية لن تتدخل ما دامت التظاهرات سلمية.وأضاف البرهان، إن ما حدث في السودان أخيرا، لا ينبغي اعتباره انقلابا عسكريا بل هو "تصحيح للمسار".وتابع: "من يعتبره انقلابا فهو مخطئ، لأننا موجودون في السلطة، وإذا كان هناك انقلاب كنا لنتغير نحن أيضا".
وفيما يخص رئيس الوزراء السوداني المعزول عبدالله حمدوك، أوضح البرهان، أن حمدوك "أُخرج من مقر إقامته بسبب التهديد بالاعتداء عليه، وعاد الآن إلى منزله".وتعليقا على التظاهرات أمس، قال القيادي بقوى الحرية والتغيير - مجموعة الميثاق، التوم هجو، إن المجموعة التي تقود تلك التظاهرات، هي التي دفعت الشعب السوداني إلى المواجهة، ولم تنجز أي شيء خلال فترة العامين التي حكمت فيها البلاد، ويريدون ديكتاتورية مدنية، ويمارسون الإقصاء.وأعلن أن الشعب السوداني سيخرج في الأسبوع القادم للتعبير عن موقفه الحقيقي تجاه ما يجري.وفي المقابل، قالت القيادية بقوى الحرية والتغيير - اللجنة المركزية، عبلة كرار، إن الشارع الذي تحدث عنه التوم هجو، هو شارع مصنوع للترتيب لهذا الانقلاب، وهم مدنيون انقلابيون، أما الشارع المدني الحر فهو الذي خرج أمس إلى الشوارع، وهو الذي خرج في مواجهة البشير وتمكن من إسقاط نظامه.وفي السياق الدولي، حضّت الولايات المتحدة الجيش السوداني على عدم قمع التظاهرات، وشدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على حسابه بتويتر صباح أمس، على احترام التظاهرات السلمية في السودان، قائلا إن أي عنف ضد المتظاهرين السلميين غير مقبول، في حين قال مسؤول أميركي كبير: "نحن قلقون فعلا حيال ما سيحصل، وسيكون الأمر اختبارا فعليا لنوايا العسكريين".كذلك، حضّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجيش السوداني على "ضبط النفس، وعدم التسبب بسقوط مزيد من الضحايا"، مشددا على أنه "يجب أن يُسمح للناس بالتظاهر سلميا".وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص للسودان، فولكر بيرثيس، ألتقى بالفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وحثه على السماح باحتجاجات سلمية وتجنب المواجهة.وناشد الموفد البريطاني للسودان وجنوب السودان روبرت فيرواذر قوات الأمن السودانية "احترام حق وحرية" المتظاهرين في التعبير عن أنفسهم.وحذرت منظمة العفو الدولية "القادة العسكريين من الحسابات الخاطئة"، مؤكّدة أن "العالم يتابعهم ولن يسمح بمزيد من الدماء".