سمو الرئيس
لنتحدث بصراحة... لا شك أن سموكم تدرك المشكلات كافة التي باتت لسان حال غالبية المواطنين، لكن لا بأس من التذكير ببعضها لعله يمكن مقاربته بالمسار الاقتصادي الصحيح الذي يأمله الكويتيون، لا سيما إغلاق البلاد وتأثيره على الحركة التجارية والعمرانية، وحتى الاجتماعية، لأن الكويت سارت عكس اتجاه بقية دول الخليج، التي فتحت أبوابها للجميع كي تستفيد من تنويع دخلها، و"تنفطم" عن النفط.
في السنوات الماضية، سنت قوانين، واتخذت قرارات وزارية، أقل ما يقال فيها إنها زادت من جمود الاقتصاد، وتسببت في طرد الاستثمارات، الوطنية والأجنبية، وكذلك نفرت الطاقات الشبابية الكويتية التي هاجرت إلى دول أخرى، فيما كانت الحجة إعادة تنظيم التركيبة السكانية، بل الأسوأ أن بضعها حرم البلاد من خبرات كبيرة، جراء قرار حرمان المقيم ممن تجاوز الستين عاما تجديد إقامته، أو دفعه رسوما لا قِبل له بها، رغم أنه عاش في البلاد أربعين سنة أو أكثر، وبالتالي أصبح معظم إنتاجه ينفقه فيها، أو أن مهنته نحن في أمسّ الحاجة لها.
سمو الرئيس
إن هذه القوانين والقرارات الغبية خسّرت الكويت الكثير، فيما الذين اضطروا إلى تركها وجدوا في دول الخليج ملاذات آمنة للعمل والاستثمار، لا سيما أن خبراتهم كويتية- خليجية، كما أنهم أخذوا جني عمرهم لتستفيد منه الدول التي رحلوا إليها.
إن الرسوم المحصّلة من تلك الفئة لا تزيد على بضعة ملايين، لكن في المقابل، كان لها تأثير على المواطن، لأنه هو من سيدفعها بطريقة غير مباشرة، تماماً كما حصل في منع جلب العمالة الوافدة من الخارج، ما دفع إلى زيادة أجرة العامل والحرفي اليومية، ولقد أشرنا في مناسبة سابقة إلى هذا الأمر، ففي حين أن المقاول أو المهني أو التاجر الذي قضى معظم عمره في الكويت، ومنهم "تعلم التحسونة برؤوسنا"، وكان دخله يتقاسمه مع مواطن شريك له، أو مستفيد منه، فإن كل ذلك خسرته الكويت، وكذلك زاد من التكاليف على المواطنين.
سمو الرئيس
أيضاً من السلبيات، أن فتح باب الزيارات كانت فيه شروط مضحكة، وتعني لا نريد من أحد أن يأتي إلينا، لذا نسأل: ماذا يضير إذا كان المقيم يريد جلب أسرته لزيارته، ولديه القدرة على دفع التكاليف، فلماذا اشتراط الراتب الكبير، أو حصر أن يكون الزائر قادماً على متن طائرة محلية، بل لنفترض أنه يأتي برا، عبر سيارة أو على ظهر بعير، فهل تكون السيارة كويتية والبعير كويتيا، وهل تقبل الكويت بأن تُعامل بالمثل، أم "أننا غير، وما نحلله لأنفسنا نحرمه على غيرنا"؟!
كل هذه الحجج غير الواقعية ليست موجودة في الدول الأخرى، فلا الإمارات ضرها أن يكون مواطنوها نحو 12 في المئة من تعداد السكان، ولا المملكة العربية السعودية التي باتت اليوم تمنح التأشيرة للزوار في أقل من نصف ساعة، أزعجها نحو 30 مليون زائر يوميا، ولا قطر كذلك التي أصبحت اليوم وجهة سياحية لنحو 40 مليون زائر سنويا، لهذا نسأل: لماذا هذا الخوف في الكويت من فتح البلاد، وماذا تفيد التركيبة السكانية إذا كان اقتصادنا جامدا ومقفلا؟!
حين يصبح مطار دبي وحده أكثر مطارات العالم ازدحاما، وتدر السياحة على الإمارات نحو 40 مليار دولار سنويا، أو تتحول المدن الصناعية السعودية أكثر إنتاجا وتصديرا، ولا تشترط على المستثمر فيها أن يكون لديه شريك سعودي، فكل هذا يعني قيمة مضافة للاقتصاد، أكان في العمالة أو المستثمرين، كما أنه ليس هناك من تضيق عينه بهؤلاء.
سمو الرئيس، اعقلها وتوكل، وافتح البلاد كما دول الخليج، حتى لا نصل إلى يوم نقول فيه: "يا ليت اللي جرى ما كان".