الثلاثاء 01 يوليو 2025
42°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 د.خالد الجنفاوي
كل الآراء

دَارِي النَّاس تَأْمَنْ شَرَّهم

Time
الاثنين 04 مارس 2024
View
5
د.خالد الجنفاوي
حوارات

تشير المداراة في سياق هذه المقالة الى ملاطفة الناس، وملاينتهم بهدف اتقاء شرّهم، وهي ليست صفة جُبْنٍ، بل سمة حُنْكَة وبَصَر عميق بأمور الدنيا والدين.

ويجدر بالعاقل، لا سيما في عالم اليوم المضطرب، الحرص قدر استطاعته على عدم اِستعداء كائنًا من كان، بل إذا استطاع الى ذلك سبيلاً، فحري به تصديق قول صالح بن عبد القدوس "كُنْ مَا اسْتَطَعْتَ عَنِ الأنَامِ بِمَعْزِلٍ إنَّ الكَثِيرَ مِنَ الوَرَى لا يُصْحَبُ وَاجْعَلْ جَلِيسَكَ سَيِّداً تَحْظَ بِهِ حَبْراً لَبِيباً عَاقِلاً يَتَأَدَّبُ".

ومن بعض مبادئ وسلوكيات مداراة الناس وبعض دلائل كون هذا الأمر من الحنكة والحكمة، واكتمال العقل، نذكر ما يلي:

-إتّقاء شرّ الفَسَقة: كما يوجد في كل مجتمع أغلبية صالحة، يوجد فيه أيضًا قلّة فاسقة، وخصوصا البذيئون والسفلة، والمنحطيّن أخلاقيًّا، ويجدر بالمرء كامل العقل تفادي التعامل مع هذا النفر السيئ قدر استطاعته.

وإذا لم يجد مفرًّا، فحري به أن يجتهد في إخفاء أسراره عنهم، وملازمة الصمت معهم حتى لا يكشف لهم عن نقاط ضعفه، فنصف العقل مداراة الأشرار المتغلّبين.

-ملاطفة الناس تدلّ على كمال العقل: الرِفق بالناس والبرّ بهم وملاينتهم في الحديث، لا سيما في العلاقات الاجتماعية الاعتيادية، تدلّ على رجاحة عقل المرء وفهمه التام لما يتطلّبه التعامل مع من يوجد في العالم الخارجي.

ومجافاة الناس، أو مخاشنتهم في الكلام، تدلّ على السفه والحمق والطيش، وتغلّب النفس الأمّارة بالسوء على من يجافي الناس، ويغلظ في حديثه معهم.

-مداراة الناس ليست ضعفًا: الانسان الواثق من نفسه، والواعي ذهنيًّا، ونفسيًّا وأخلاقيًّا، ليس مطلوبًا منه إثبات امتلاكه هذه السمات عن طريق الفظاظة مع الناس، بل إنّ الرِّفق بمن يتعامل معهم يدلّ على تحكّمه التام بردود فعله، فالضعيف نفسيًّا هو من يُستفزُّ بسهولة، ومنعدم الأمن العاطفي يعادي الناس لتعويض شعوره بالنقص.

كَثِير مِنَ الوَرَى لا يُصْحَبُ: شدّد كثير من الحكماء عبر التاريخ على أهمية انتقاء الانسان لمن يعاشر، وحري بالعاقل مخالطة من تألفهم روحه ويطمئن لهم عقله الباطن، فقط لا غير.

 كاتب كويتي

@DrAljenfawi

آخر الأخبار