أحمد عبدالعزيز السعدون رئيس مجلس الأمة الأخير، ما الذي فعله في آخر مجلس ترأسه؟
يجب أن نعترف أن هذه الشخصية السياسية ليست كمثيلاتها من الشخصيات الأخرى، فلا أحد يملك التاريخ السياسي الذي يملكه السعدون.
كثيراً ما يتم مقارنة السعدون بغيره من الرؤساء الآخرين لمجلس الأمة، وذلك بسبب تاريخه البرلماني الطويل، الذي عاصر فيه رؤساء عدة غيره.
عند ترؤس السعدون للبرلمان لا نذكر أن هناك من النواب من كان يعارضه بصوت عالٍ، أو يؤدي أفعالا خارجة عن نظام سير الجلسة، وذلك من بداية مشواره في رئاسة المجلس إلى اليوم، لكن ما الذي فعله في آخر مجلس ترأسه؟
أحمد السعدون قدم لنا حالة سياسية من وحي الخيال، لكن في حقيقة الأمر تلك الحالة موجودة في الواقع، نأخذ منها الدروس والعبر ليس على المستوى السياسي فقط، إنما أيضاً على المستوى الشخصي.
إن أحمد السعدون بوجوده في آخر مجلس ترأسه يكون هو النائب الوحيد الذي استطاع أن يصل إلى البرلمان بجميع قوانين الانتخاب، فهو وصل إلى البرلمان من خلال الدوائر العشر في مجلس 1975، وأيضاً خلال الخمس وعشرين دائرة من مجلس 1981 إلى مجلس 2006، وأيضاً خلال الخمس دوائر وأربع أصوات في مجلس 2008 ومجلس 2009، إذا استثنينا مجلس 2012 المبطل الأول، وأيضاً خلال الخمس دوائر والصوت الواحد في مجلس 2023، إذا استثنينا مجلس 2022 المبطل.
ومرت على السعدون خلال فترة رئاسته للمجلس جميع أسباب انتهاء الفصل التشريعي بجميع انواعها، فهو ترأس المجلس سنة 1992، الذي انتهى فصله التشريعي نهاية طبيعية باكتمال مدته الدستورية، وأيضاً ترأس مجلس1996، ومجلس 2023 اللذين تم حلهما حلاً دستورياً، وأيضاً ترأس مجلس 1985، الذي تم حله حلا غير دستوري، وترأس أيضاً مجلس 2012 ومجلس 2022 اللذين تم ابطالهما.
في حياته السياسية عاصر أجيالا مختلفة من الشباب، وكل هذه الأجيال منحته الثقة بحصوله على عضوية مجلس الأمة، وتمثيل الشعب في البرلمان، فمنحه جيل السبعينات الثقة، وأيضاً جيل الثمانينات والتسعينات، وجيل ما بعد الألفية إلى اليوم.
وأهم عبرة ودرس تعلمته من هذه الشخصية السياسية، الفريدة من نوعها، هو الطموح وعدم اليأس والمثابرة على المستوى الشخصي، فالسعدون فقد رئاسة المجلس مرتين، ولسنوات طويلة، إلا أنه لم يستسلم، ولم تحبط عزيمته في استعادتها، إلى أن وصل به العمر قرابة التسعين عاما، فحقق ما كان يطمح له، ورغم نجاحه مرتين في استعادة الرئاسة، إلا أن ابطال المجلس في المرتين، حال دون تحقيق طموحه على اعتبار أن المجلس المبطل كأن لم يكن، وبالتالي فإن رئاسته لآخر مجلس، الذي تم حله سيحقق له الطموح كونه مجلسا ذات صفة مشروعة.
السعدون قدم لنا درسا أن الطموح ليس له سن معينة، وأن الإنسان يستطيع تحقيق طموحه في أي عمر، وأن مهما علا الطموح يستطيع الإنسان تحقيقه، وأدعو الله له بدوام الصحة والعافية وطول العمر، شكراً أحمد السعدون.
محام، كاتب كويتي
[email protected]