الثلاثاء 01 يوليو 2025
42°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 د.خالد الجنفاوي
كل الآراء

الشَّغَف بمعرفة أسرار الناس

Time
الأربعاء 13 مارس 2024
View
20
د.خالد الجنفاوي
حوارات

يشمت البعض بأعدائهم عندما يصابون بمكروه، وهي ردّة فعل متوقعة، وبخاصّة من شخص آذاه عدوّه مدة طويلة، لكن وفقا لما يستلزمه المنطق الأخلاقي الإنساني العام، يجدر بالعاقل أن يمتنع عن الانغماس العميق في الشَّمَاتَة، لا سيما بعدوٍّ من أبناء جلدته، وذلك بسبب أنّ الإفراط في الاستهزاء والفرح بمصاب عدوٍّ يتكلّم بلسانك أو ينتمي لنفس جنسيتك، أو يدين بدينك، أو ربما يتشارك معك بشيء ما، يتعارض مع مبادئ الاعتدال، والوسطية، والحصافة.

ومن أسباب ضرورة عدم الفرح بالشرّ الذي وقع بالعدوِّ من أبناء الجلدة، نذكر ما يلي:

- الشَّمَاتَة جهل بالقضاء والقدر: يجهل الشّامت بعدوٍّ من أبناء جلدته بما يمكن أن يكون موجودا له في اللوح المحفوظ، ويجهل خصوصا حقيقة أنه إذا اجتمعت شرائط الابتلاء، فلن يستطيع كائن من كان توقّع ما سيحدث له، وسيف صلت اليوم على عنق عدوٍّ من أبناء جلدتك، ربما يصلت على عنقك غدا.

- التّشمّت المُفرط يُرسِّخ الأحقاد: ربما يهوي العدوّ، وربما يُعاقب بسبب كلامه، أو تصرّفاته السيئة، أو ربما بسبب خرقه القانون، ولكن ربما يوجد لديه أبناء، أو أهل، أو أقارب يحبّونه (على سوء سلوكه)، ويتّقي العاقل استعداء الناس بسبب إفراطه بالشَّماتة بمن يهمهم أمره.

ويقول المولى عزّ وجلّ في كتابه الكريم: "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى" (فاطر 18).

فلا يرتكب اللبيب جرما بحقّ نفسه عن طريق إضغان قلوب من لا ذنب لهم سوى قرابتهم بعدوّه.

-الحصافة والشَّمَاتَة بالعدوّ: يحصف المرء عندما يحتكم الى عقله، ولا حصافة في الاستهزاء بعدوٍّ من أبناء الجلدة، والحصيف هو من يتعلّم مما حلّ بعدوّه بسبب تصرفاته السيّئة.

-شعر في الشَّمَاتَة: يقول الشاعر الأيوبي سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي:

"لا تَشْمُتنَّ بمن أسا وهَوى

واسْتكْفِ ربَّكَ سوءَ مُنْقلبهْ

إنَّ الشَّماتَة بغْيُ ذي سَفَهٍ

جَهِلَ القضاءَ ونامَ عنْ نِوبهْ

كم ظالِمٍ أحْببتُ صَرْعَتهُ

فبكيْتُهُ ممَّا تورَّطَ بِهْ"!

كاتب كويتي

@DrAljenfawi

آخر الأخبار