الخميس 19 سبتمبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 محمد الفوزان
كل الآراء

أحوال سلف الأمة في رمضان

Time
الأربعاء 13 مارس 2024
View
70
محمد الفوزان
قصص إسلامية

لقد أدرك الصحابة الأبرار الفضل العظيم لشهر رمضان عند الله تعالى، فكان ذلك سببا في اجتهادهم بالعبادة ما بين صيام وقيام، وتفطير صائم، وعطف على الفقراء والمساكين، مع ما كانوا فيه من جهاد لأعداء الله، لتكون كلمة الله هي العليا.

‏سئل عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه): كيف كنتم تستقبلون رمضان؟

‏فقال: ما كان أحدنا يجرؤ على استقبال الهلال، وفي قلبه ذرة حقد على أخيه المسلم.

وهكذا حوى تاريخهم صورا مشرقة، وقدوات مباركة في كل أحوالهم من عبادة وجهاد، وتزكية للنفوس ونفع للناس.

يقول أبوالسوار العدوي (رحمه الله): "كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه".

وروي عن بعض السلف قوله: "لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاما يشتهونه، أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل".

تميز الصحابي سعد بن معاذ (رضي الله عنه) بمواقفه في شهر رمضان الكريم، وكان من أهمها، حرصه على إفطار الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، فعن ابن ماجة، بسند صحيح، عن عبدالله بن الزبير، قال: "أفطر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند سعد بن معاذ (رضي الله عنه) فقال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة".

وكان يؤجر الصحابي الجليل أجرا عظيما عن موقفه هذا أولا: لإفطاره الرسول الكريم، ولاتباعه سنته في حديثه الشريف، إذ قال رسول (الله صلى الله عليه وسلم): "من فطر صائما، كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا".

وثانيا: دعوة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لسعد بن معاذ (رضي الله عنه) بهذا الإفطار، إذ قال له: "أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة".

كان بعض السلف، مثل الحسن وابن المبارك (رحمهما الله تعالى) يستحب أن يطعم إخوانه الطعام وهو صائم، ويجلس يخدمهم ويروحهم.

روى ابن أبي عدي عن داود بن أبي هند (رحمهما الله تعالى) قال: "صام داود بن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله، فقد كان خرازا يحمل معه غداءه من عندهم فيتصدق به في الطريق، ويرجع عشيا فيفطر معهم".

وقال الحافظ بن الجوزي (رحمه الله) معلقا: "يظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت، ويظن أهله أنه قد أكل في السوق".

ومن نماذج علو الهمة كذلك في إطعام الطعام، ما روي عن حماد بن أبي سليمان (رحمه الله) أنه كان يفطّر في شهر رمضان خمسمئة إنسان.

أما عن قراءة القرآن في الشهر الكريم، فكان بعض السلف يختم في قيام رمضان فقط كل عشر ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل ثلاث، وكان بعضهم يختم القرآن كل يوم مرة، ومنهم الصحابي الجليل ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان (رضي الله عنه).

وكان للإمام الشافعي (رحمه الله) 60 ختمة في رمضان يقرأها في غير الصلاة، ومن أحوالهم في الإقبال على القرآن والتفرغ له أن الزهري (رحمه الله) كان إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن.

وكان سفيان الثوري (رحمه الله) إذا دخل رمضان ترك جميع العبادات، وأقبل على قراءة القرآن.

أسأل الله تعالى أن يبارك لكم شهر رمضان، وأن يتقبله منا ومنكم، ويجعلنا وإياكم ممن صامه إيماناً واحتساباً، ولا يحرمنا العفو والعتق من النيران، وأن يشمل برحمته من لم يبلغ رمضان.

وكل عام وأنتم بخير.

إمام وخطيب

[email protected]

آخر الأخبار