لا شك أن الصورة حالياً مختلفة عن السابق، فمجلس الوزراء، وفقا للمؤشرات، لن يختلف كثيرا في تركيبته عما هو حالياً، بل ربما التعديل سيكون في بعض الحقائب التي فشل فيها من يتولاها، بينما مجلس الأمة الجديد سيكون أمام حاكم جديد، ورئاسة وزراء مختلفة عما سبق، لا سيما في العقود الثلاثة الماضية، وبالتالي الرؤية مختلفة.
إذ وفقاً لخطب صاحب السمو الأمير، والإجراءات التي أمر بها، ونفذتها الحكومة، والخطوط العريضة لما وضعه سمو الرئيس، كلها تؤكد على أمر واحد، وهو الضرورة الملحة للخروج من المأزق الذي ورثه البلد من الحكومات السابقة، حين كان مجلس الأمة هو الحاكم بأمره، زاحفاً على صلاحيات السلطات الأخرى.
لذا، فإن مجلس الأمة العتيد عليه ألا يعمل بمبدأ "لا تقربوا الصلاة" من دون بقية الآية الكريمة، خصوصاً أن صاحب السمو الأمير، أكان في النطق السامي خلال جلسة القسم، أو خطبه العامة في المناسبات، وضع ما يمكن اعتباره خارطة طريق تحتاج إليها البلاد، لا سيما الانفتاح الذي يعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك الحاجة إلى ورشة مشاريع على مختلف المستويات، وتعزيز الهوية الوطنية.
من هذا المنطلق، نتوقع ألا يعمد المجلس العتيد إلى استفزاز الشعب من خلال اقتراح قوانين متشددة، على غرار منع الاختلاط والظواهر السلبية، وتلك التي تفتش في النوايا، لأن ذلك لا ينسجم مع متطلبات البلاد، ولا مع ما رسمه صاحب السمو، وسمو رئيس الوزراء.
على هذا الأساس، لا بد أن يكون النواب الجدد على قدر من المسؤولية، فلا يشرقوا أو يغربوا، كل وفق هواه، أو بناء على مصالحهم الشخصية، رغم إدراك الجميع أن هذه المثالية في ديمقراطية عوراء، كالتي لدينا، لا يمكن تحقيقها، لكن تحقيق 60 في المئة مما يطالب به الكويتيون، ومما يرغب الحاكم به لمصلحة الوطن، وتعزيز قوة الدولة، يعني إنجازاً، ويمكن البناء عليه مستقبلاً.
كما لا بد من الاقتناع بأن ثمة تطلعات مشروعة وواقعية للكويتيين كافة، وكما ثبت في الأشهر الأخيرة، فإن رئيس الدولة يسعى إلى تحقيقها، لكنه وفقا للدستور، يحتاج إلى مجلس أمة يعاونه، ولا يكون فرعوناً على السلطة التنفيذية، وما نسمعه من المرشحين يوحي بأنهم مقبلون على العمل من أجل مصلحة الوطن، لكن لا يمكن ترجمة الأقوال إلا بالأفعال، إذ كما يقول المثل العامي "الملسوع من الحليب ينفخ على اللبن"، وقد لُسع الكويتيون كثيرا من المجالس المتعاقبة، وكذلك مجالس الوزراء التي اتسمت بالضعف والتردد، وكانت النتيجة هذا الوضع المزري الذي تعيشه الكويت على كل المستويات، بدءاً من تهالك الخدمات والشوارع وانتهاءً بإقفال البلاد، وضرب الاقتصاد الوطني من خلال قرارات وممارسات، نيابية وحكومية، ما أُنزل بها من سلطان.
لهذا، فإن إدراك النواب الجدد المعادلة البسيطة التي وضعها صاحب السمو الأمير، ورؤية سمو رئيس مجلس الوزراء، فإن ذلك يعني التعاون المطلوب دستوريا بين السلطتين، التنفيذية والتشريعية، أما إذا ساروا على النهج النيابي المتبع منذ ثلاثة عقود، فإن المجلس المقبل سيكون عمره قصيراً، وهو أقرب إلى الرحيل من البقاء.
[email protected]