الاثنين 16 سبتمبر 2024
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 محمد الفوزان
كل الآراء

سلة الفحم المثقوبة

Time
الأربعاء 20 مارس 2024
View
60
محمد الفوزان
قصص إسلامية

كان رجل يعيش في مزرعة بين الجبال مع حفيده الصغير، وكان يصحو كل يوم في الصباح الباكر، فيجلس على كرسي مائدة الأكل، ويفتح المصحف ويقرأ ما شاء الله أن يقرأ.

فيما كان الحفيد ينظر اليه، ويتمنى أن يصبح مثل جده، لذا فقد كان يقلده في كل حركة يفعلها، وذات يوم سأل الحفيد: "يا جدي أحاول أن أقرأ القرآن الكريم مثل ما تفعل، لكنني لا أفهم كثيرا منه، واذا فهمت منه شيئا فإنني أنسى ما فهمته، بمجرد أن أغلق المصحف، فما فائدة قراءة القرآن إذا؟".

كان الجد من عادته أن يضع بعض الفحم في المدفأة، فالتفت بهدوء وترك ما بيده، ثم قال: "يا بني خذ سلة الفحم الخالية هذه واذهب بها الى النهر، ثم ائتني بها مليئة بالماء".

ففعل الولد ما طلب منه جده، لكنه فوجئ بالماء كله يتسرب من السلة قبل ان يصل الى البيت، فابتسم الجد وقال له: "يا بني ينبغي عليك أن تسرع الى البيت في المرة المقبلة، فعاود الحفيد الكرة، وحاول أن تجري مسرعا الى البيت، لكن الماء تسرب ايضا، فغضب الولد، وقال لجده: من المستحيل أن آتيك بالماء في هذه السلة المثقوبة، سأغير السلة وأحضر الدلو لكي أملأه لك ماء".

فقال الجد: "لا، انا لم أطلب منك دلوا من الماء، طلبت سلة من الماء، يبدو انك لم تبذل جهدا كافيا يا ولدي".

ثم خرج الجد مع حفيده ليشرف بنفسه على ملء السلة بالماء، كان الحفيد موقنا بان العملية مستحيلة، وأراد ان يرى جده هذا الأمر، فملأ السلة ماءً، ثم ركض بأقصى سرعة الى جده ليريه، وهو يلهث من التعب، قائلا: "أرأيت يا جدي العزيز لا فائدة"؟

فنظر الجد الى حفيده قائلا: "أتظن ان لا فائدة مهما فعلت، تعال وانظر الى السلة"، فنظر الولد الى السلة وأدرك للمرة الأولى انها اصبحت مختلفة، لقد تحولت السلة المتسخة بسبب الفحم الى سلة نظيفة تماما، فلما رأى الجد الولد مندهشا قال له: "هذا بالضبط ما يحدث عندما تقرأ القرآن، قد لا تفهم بعضه، وقد تنسى ما فهمت او حفظت، لكنك حين تقرأوه سوف تتغير للأفضل من الداخل والخارج، تماما مثل هذه السلة".

ختم القرآن الكريم مستحب في رمضان، وفي غيره من الشهور، وختمه في رمضان أفضل؛ لمزية الزمان، والطاعة تعظم وفق الزمان والمكان، فقد ورد في "المبدع في شرح المقنع"، في فضل قراءة القرآن في رمضان "ويسن له تلاوة القرآن".

لقد عرف سلف الأمة فضل قراءة القرآن في رمضان حتى أن ابن شهاب الزهري (رحمه الله) كان إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبل على تلاوة القرآن.

وكان الامام مالك (رحمه الله) يترك أصحاب الحديث ‌في شهر ‌رمضان ويقبل على تلاوة القرآن، وكان الشافعي يقرأ ستين ‌ختمة.

وكان سفيان الثوري (رحمه الله) إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن.

كانوا يتأسون برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، اذ كان (صلى الله عليه وسلم) يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره من الاشهر، ويكثر فيه من أنواع العبادات، فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "اقرأوا هذا القرآن، فإنه يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القيامة"، ويقول ايضا: "من قرأ حرفًا من القرآن فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها".

وعن عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها) قالت: "قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران"، اللهم اجعلنا جميعا من أهل القرآن.

[email protected]

آخر الأخبار