يبدو أننا نعيش مرحلة "انتخابات باردة"، تختلف نوعيا عن معظم ما شهدناه من انتخابات في السابق، اذ رغم أن الانتخابات سبقتها أحداث مهمة، مثل استقالة مجلس الوزراء وحل مجلس الأمة، وبروز قضايا وأطروحات ساخنة، ومنها ما تضمنه النطق السامي في جلسة القسم من قضايا في غاية الأهمية، إلا أن اللامبالاة والعزوف يبدوان أنهما سيدا الموقف.
ربما يكون ذلك بسبب ان الانتخابات ستجرى خلال الشهر الفضيل، وما يقتضيه من سكينة نفسية وخشوع، لكن أيا كانت الأسباب، فالحقيقة أننا في مناخ انتخابات مختلف ويتسم بالبرود والجمود.
وكل ما أخشاه أن يكون الوضع الحالي نتج عن صدمة نفسية اجتماعية بسبب الحل المتعاقب لمجالس الأمة، وتعاقب مجالس وزراء في فترات قصير، وعدم استقرار سياسي.
إن كان ذلك هو السبب، فإننا نكون قد دخلنا مرحلة من الإحباط واللاجدوى، وهذا أسوأ ما يكون.
لطالما حذر العقلاء من حدوث ذلك نتيجة ممارسات برلمانية وحكومية لم تكن بمستوى التحديات، وانهمك البرلمان ومجالس الوزراء في قضايا وصراعات لا تدخل ضمن أولوياتنا الوطنية، وكان كل منهما يغني "على ليلاه"، وهذا ما كان يجب أن تدرك مخاطره كل من السلطتين.
إن الانتخابات البرلمانية المقبلة فرصة وطنية ينبغي ألا نضيعها، مثل ما أهدرنا فرصا عديدة، وقد ضاعت وبقينا نبكي على "اللبن المسكوب".
وحتى لا نستمر في البكاء و"التحلطم" يجب علينا جميعا أن نغتنم الفرصة، ونجعل من منتدياتنا ودواويننا العامرة بالتقوى في هذا الشهر الفضيل مكانا كذلك لتبادل الرأي وبحث قضايانا، وتصويب مسار أمورنا.
لا ينبغي أن نترك ساحتنا الوطنية لكي يستفرد بها المرشح، بل يجب أن يملأها الناخب الكويتي برأيه، وهمومه ومتطلباته وأولوياته.
أنا في الحقيقة لا ألوم من يأس أو سأم من ممارسات سلبية، حكومية كانت او برلمانية، وما أكثرها، لكنني أحاول لفت الانتباه إلى أن الممارسة الديمقراطية والمشاركة الشعبية خيارنا الوطني الذي يجب أن نتمسك به، ونعمل من أجله، وكل ما شاب الممارسة الديمقراطية من أخطاء لن يقوم غيرنا بإصلاحها وتصحيحها، فتصويب المسار مسؤوليتنا جميعا، وعلينا أداء هذه المسؤولية بأمانة وإخلاص لوطن نحبه ونحرص عليه.
إن العزوف واللامبالاة ستزيد "الطين بلة"، وأقساه أن تنفرد بالساحة ديمقراطية أجندات خاصة، وممارسات لا نرغب بها، وأولويات غير أولوياتنا.
أعرف أننا شهدنا أوضاعا وممارسات سياسية محبطة، لكنها لا يجب أن تعطل فينا إرادة البناء وعزيمة الإصلاح، فإذا ساد الإحباط والعزوف فالوطن هو الخاسر الأول، لهذا فلنجعل الانتخابات ساخنة بأفكارنا وهمومنا وأولوياتنا، وليكن صوتنا الانتخاب خطوتنا الأولى باتجاه تصويب مسارنا الوطني.