الأحد 11 مايو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 هاشم صالح الرفاعي
كل الآراء

قرقيعان اليرموك

Time
الاثنين 25 مارس 2024
View
10
هاشم صالح الرفاعي

"سلم ولدهم يا الله، خله لأمه يا الله"، هذه العبارة الجميلة التي نسمعها عند قدوم موعد القرقيعان ليدخل الأطفال في كل بيت في فرجان منطقتهم، ويرددونها باللحن التراثي، الذي شكل لوحة جميلة معبرة عن مدى تواصل وتراحم أفراد المجتمع، ليرجع الأطفال الى بيوتهم وفي اكياسهم خمطة قرقيعان من كل بيت، لتجتمع أيدي الشعب الكويتي عطاءً في كيس طفل صغير.

نعم هي ثلاثة أيام في منتصف شهر رمضان المبارك، يمتزج فيها خليط بين الفرح والتمسك بعادات المجتمع الكويتي، والحرص على رسم السعادة على وجوه أطفالنا، فمحيط القرقيعان لا يتعدى منطقة السكن، بل إنه لا يتعدى الفرجان القريبة.

لكن في العام الماضي حدث أمر غير متوقع، فكانت أيام القرقيعان في منطقة اليرموك مزعجة للغاية، ولا أبالغ إذا قلت اجتمع بها سكان جميع المناطق الأخرى، فتشكلت كتلة كبيرة من السيارات داخل المنطقة، منعت حركة السير، بل أصبحت المنطقة "مشلولة" لا يستطيع أهاليها الخروج من بيوتهم، ولا العودة اليها والسبب ماذا؟ القرقيعان!

تشكل هاجس لدى أهالي المنطقة مما حدث لهم سابقاً، بل إن هذا الهاجس انتقل إلى مؤسسات الدولة، فاستعدت وزارة الداخلية، وبدأت باتخاذ إجراءات احترازية قبل أن يحدث ما حدث في العام الماضي، فأغلق رجال الأمن مداخل المنطقة، وعدم السماح لمن ليس هم من سكان المنطقة بالدخول.

خيراً فعلت وزارة الداخلية، فسلامة أهالي المنطقة من أولى الأولويات، المسؤولة عنها الحكومة، اذ لا يمكن قبول شل الحركة المرورية داخل المنطقة بحجة القرقيعان، وأي قرقيعان هذا الذي يكون بالسيارات؟!

ما نعرفه أن مجموعة من الأطفال يتنقلون بين الفرجان مشياً على الأقدام، ويطلبون القرقيعان من بيوت الفريج.

فقدنا معنى القرقيعان خصوصا في منطقة اليرموك بسبب السلوك غير المسؤول من بعض الذين شكلوا ممارسة مزعجة، مانعين أهالي المنطقة من أي خدمة، فلا سيارات اسعاف تستطيع الدخول ولا سيارات المطافئ أيضاً، ولا يستطيع أي من أهالي المنطقة نقل أهله إلى المستشفى في حال حدث ما يستدعي ذلك، وحينها كيف لنا أن نغني "سلم ولدهم يا الله خله لأمه يا الله"، ونحمد الله على أنها عدت على خير في رمضان السنة الماضية.

يعلق الكثير في مواقع التواصل الاجتماعي سلباً على إجراءات وزارة الداخلية، والملاحظ هذه الأيام كثرة الانتقاد على إجراءات الوزارة، بمعنى أو من غير معنى، ولا أعلم ما هو المطلوب لدى هؤلاء المنتقدين، هل تريدون إغلاق المنطقة بدخول آلاف السيارات الى المنطقة؟ هل انتم مقتنعون بأن أشخاصا بلغوا من العمر هناك ما يؤهلهم لأن يقودوا سيارة أتوا إلى المنطقة ليقرقعوا؟

خاطبوا عقولنا بالله عليكم.

نشد على أيدي رجال الأمن، نعم أمن عامة الناس وسلامة صحتهم، مسؤوليتكم، وما تستحقونه بالفعل هو الشكر الجزيل، ولا تسمعوا لصياح يردد من هنا وهناك، ودعونا نغني ونحن مطمئنون "سلم ولدهم يا الله خله لأمه يا الله".

 محام، كاتب كويتي

آخر الأخبار