حوارات
"إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (القصص 56).
قال حكيم العرب أكثم بن صيفي التميمي: "إذا بالغت في النصيحة فتأهب للتهمة"، وهي مقولة تؤكِّد صعوبة إثناء بعض الأشخاص عن تكرار قول الكلام المسيء، أو التصرفات السيئة، وربما يتم اتهام صاحب النصيحة الصادقة، كقول بن صيفي أيضًا: "كثير النصح يهجم على كثير الظنة"، أي ربما يتّهمك من تنصحه أنك صاحب مصلحة.
ومن بعض علامات من لا يقبل النصح، وبعض أسباب صعوبة حفظ الأخ، أو الابن، أو القريب، أو الصديق من نفسه، نذكر ما يلي:
- علامات من لا يقبل النصح: الإعجاب المُفرط بالنفس، اذ يبدأ يعتقد بعض الأشخاص المشوّشين أنهم أحكم الناس، ويرفضون قبول أي نصيحة يقدّمها لهم من لا يزال يهتم بأمرهم، وستلاحظ على هذا النوع من الأفراد المضطربين فكريًّا جهلهم بأولوياتهم، وربما غياب أهداف حياتية واضحة لديهم.
وثقتهم المفرطة بأنفسهم، بلا دليل منطقي يثبت كفاءتهم، وانغماسهم المستمر في ما يتنزّه عنه الأسوياء نفسيًّا، وعدم نضجهم النفسيّ، وستجدهم متخبّطون في أمورهم، يُخالفون لكي يُعرفون.
وربما ستجد أحدهم نشطاً بإفراط في نشر ترّهاته وخَبَله، وسفاهته، وحشريّته على شبكات التواصل الاجتماعي.
ويتّصف من لا يقبل النصح بانفصاله عن الواقع بسبب ضعف وعيه بذاته، ولغياب الوعي الظرفي لديه، فهو يقول الكلام، ويفعل التصرّفات غير المناسبة في الأوقات غير المناسبة!
- أسباب صعوبة حفظ الآخر من نفسه: يجدر بالعاقل النجيب عدم تضييع وقته في تقديم النصح لشخص بالغ عمريًّا، لكنه مضطرب فكريًّا، وطائش سلوكيًّا، لصعوبة اتعاظه، ولرفضه التعلّم من تجارب الحياة.
ويصعب حفظ الآخر المُعانِد من نفسه بسبب تجذّر سوء الخلق في عقله الصغير، ولأنه لا يوجد إنسان مُسَيَّر، أو مُرغم، طوال الدهر على قول أو عمل ما هو سيئ، ففاقد الوعي بذاته مُخَيَّر، والأحمق مُخَيَّر في حمقه، والأرعن مُخَيَّر في رعونته، والملقوف مُخَيَّر في لقافته، وقال محمود الوراق (رحمه الله): "أَخو الجَهالَةِ يَستَبِدُّ بِرَأيِهِ، فَتَراهُ يَعتَسِفُ الأُمورَ مُخاطِرا".
كاتب كويتي
@DrAljenfawi