التصريحات الرنانة، والـ"مانشيتات" الجذابة، والوعود البراقة أصبحت، مع التكرار، طبعا تعودنا عليها، ولم نعد نأخذها بجدية، بل لم يعد تبعث فينا التفاؤل كما في السابق.
والسبب في ذلك واضح وضوح الشمس، فكم وعدا انتظرناه، ولم يتحقق، ألم تعد الحكومتان، السابقة والحالية، بتحسين الأوضاع المعيشية للمواطن، وعندما حان وقته يطل علينا أحد المسؤولين ليقول إن "الموضوع تأجل لمزيد من الدراسة".
وكم مشروعا استبشرنا به خيرا ثم تمر السنين ولا نراه، وكم مبادرة للإصلاح لم نرَ منها شيئا، وكم خطة للتنمية أعدت، ولم يحالفها النجاح، وكم.. وكم.. وكم، حتى أصبحت تلك الأمور كأنها للاستهلاك المحلي.
مطار الكويت الجديد، على سبيل المثال، استبشرنا خيرا في تنفيذه من دون تأخير وتسويف، وإلى اليوم نحن ننتظر إنجازه، وبين فترة وأخرى يطل علينا أحد المسؤولين ليتحفنا بأسباب تأخر إنجازه، فيما لا نجد على ذلك محاسبة على تقصير أو تأخير، وكأن الأمر طبيعيا، ولا يكلف المال العام المبالغ الكثيرة.
نعم، إن الأمر طبيعي، فقد عودنا عليه المسؤولون، ونحن بتنا نعمل بما تعودنا عليه.
ينطبق الأمر كذلك على الطرق، وأيضا فإن كل حكومة، على سبيل المثال لا الحصر، تأتي تبشرنا بأن الأمر سيكون "قيد التنفيذ"، وبعد فترة يصبح "قيد البحث والدراسة"، ولا نملك من أمرنا شيئا في ذلك، سوى استبدال إطارات سياراتنا، وإصلاح ما أتلفته الطرق، وبعد أن كانت الطرق في أحسن أحوالها، وكنا نباهي بها العالم.
كذلك يضاف مشروع تأهيل الجزر، فهو موضوع آخر، بل على رأس قائمة التأجيلات، فمن كثر ما سمعنا عنه عشرات التصريحات، وقرأنا عشرات الـ"مانشيتات" عنه منذ عقود، حتى كاد يكون ميؤوسا منه، فلم نسمع إلا الأقوال، ولم نر من الأفعال شيئا.
ومن الأمور، على سبيل المثال لا الحصر أيضا، حل المشكلة الإسكانية، والمناطق الصناعية الجديدة، ومنطقة التجارة الحرة، وتنويع مصادر الدخل، وغيرها مما لا يتسع المجال لذكره، فما الذي تم فيها، وما الذي أنجز منها؟
أما آن الأوان لندرك أن كثرة الوعود من دون تنفيذ، وإطلاق التصريحات الجذابة من دون إنجاز، تؤدي الى زعزعة الثقة بالدولة ومؤسساتها، وتشيع اليأس والإحباط، خصوصا في ظل غياب المساءلة والمحاسبة؟
في ظل ذلك تصبح همومنا، وآمالنا، وتطلعاتنا محلا للمزايدات السياسية، وكسب كل مسؤول الوقت.
نعم، لقد آن الأوان، وعلى كل مسؤول ألا يقطع وعدا، إلا إذا كان قادرا على تنفيذه، وإلا يجب أن يحاسب، والله ولي التوفيق.