تقرير "الشال" الذي نشرته جريدة "الجريدة" في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي يضع أمام مجلس الوزراء تحديات كبيرة، لا بد أن يكون بمستواها من حيث التشكيل والخبرة وبرنامج العمل.
فما تضمنه التقرير من قضايا وأمور ومشكلات لا تحتمل التأخير والتأجيل، اذ كل تأخير يزيد من العواقب، ويفاقم المشكلات، إلى ما لا طاقة لنا به، ويجعلها أكثر تعقيدا.
وعلى الحكومة أن تخبرنا بموقفها مما جاء به ذلك التقرير، ومدى مصداقيته، وماذا هي فاعلة بشأن ما تضمنه من أمور؟
فما تناوله التقرير من أوضاع نعيشها لا يجب السكوت عنها، او يمر ذكرها مرور الكرام، واستمرارها على هذا النحو سيعيق النمو الاقتصادي والتنمية، وسيضعنا في مأزق تنموي كبير يصعب الخروج منه.
لقد ركز في التقرير بشكل أساسي على عدم كفاءة الإنفاق الحكومي، وعدم قدرته، في معطياته الحالية، ان في بناء اقتصاد حقيقي مستدام يولد فرص عمل ويحقق نموا مستداما.
علاوة على ما تعاني منه المالية العامة من اختلالات، أهمها المستوى المتدني للإنفاق الرأسمالي، مقابل الارتفاع الكبير والمتواصل للإنفاق التشغيلي، ويعزي واضعو التقرير أسباب ذلك إلى فشل الإدارات المتعاقبة في إدارة المالية العامة، والاقتصاد والتنمية.
ونتج عن ذلك، كما يستخلص من التقرير، التدني الكبير في كفاية وكفاءة البنية التحتية التي يذكرها "أن مستواها أقل من مستوى دول فقيرة، رغم الإيرادات النفطية الكبيرة المحققة"، كما نتج عنه تدني مؤشرات التعليم والصحة والنظافة والخدمات والمعاملات الرسمية. وتدني هذه المؤشرات نتيجة طبيعية لعدم كفاءة أي إنفاق حكومي لا تكون سياساته وأهدافه موجهة لبناء اقتصاد حقيقي منتج ومستدام ومشغل للعمالة الوطنية يسعفها من نمو الإنفاق غير المنتج الذي يستنفد الموارد من دون طائل.
ربما أضيف إلى تقرير "الشال" مسألة مهمة تناولتها في مقالة سابقة "نستورد حتى الكزبرة"، وتتمثل في النمو المطرد للواردات والتي تشكل السلع الاستهلاكية الحجم الأكبر منها، فيما علينا أن ندرك مخاطر ذلك على قدرتنا في بناء اقتصاد منتج، والتحول من الاستهلاك الذي يدمغ اقتصادنا إلى الإنتاج المعزز للنمو.
إننا لا نفتقر إلى الدراسات الجادة للإصلاح الاقتصادي والمالي، فما أكثرها، ولا نفتقر إلى المختصين وذوي الخبرة والكفاءة من أبناء الكويت، وإصلاح اقتصادنا ووضعه في الطريق الصحيح ليس صعبا، وهناك تجارب وممارسات عديدة في هذا الشأن نستطيع الاستفادة منها.
إن ما نفتقر إليه هو أن نقلل الاعتبارات السياسية، التي أصبحت شغلنا الشاغل، وأصبحت تحكم جل أمورنا، ونركز على التنمية الحقيقية والاستخدام الأمثل لمواردنا البشرية والمالية.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى حكومة ثاقبة الرؤية، جريئة القرار، فعالة الأداء، وإلى مجلس أمة يدرك أولوياتنا الوطنية ويعالجها برشد وعقلانية، فيأخذنا الاثنان إلى الإمام.