بيوت المهاجرين والأنصار في ليالي العشر من رمضان

قصص إسلامية

سئل الشيخ علي الطنطاوي (رحمه الله) عن أجمل حكمة قرأها في حياته، فقال: "لقد قرأت لأكثر من سبعين عاماً، فما وجدت حكمة أجمل من تلك التي قالها ابن الجوزي (رحمه الله) في كتابه "صيد الخاطر" إذ يقول: إن مشقة الطاعة تذهب ويبقى ثوابها، وإن لذة المعاصي تذهب ويبقى عقابها".

وقد كان سلف الأمة يدركون جيداً مآلات الأمور، وأين تؤدي، لهذا كانوا دائماً في حالة استعداد إلى لقاء الله تعالى بالطاعات، والالتزام بما شرع الله تعالى.

ويصفهم محمد إقبال شاعر باكستان فيقول:

"عباد ليل إذا جنّ الظلام بهم

كم عابد دمعه في الجد أجراه

وأسد غاب إذا نادى الجهاد بها

هبوا الى الموت يستجدون رؤياه"

وقد صورهم القرآن الكريم في قوله تعالى: "كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون"، فكانت بيوت المهاجرين والأنصار نيّرة بالذكر والتلاوة والتهجد.

كان عبدالله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يحيي الليل كله بالصلاة، ثم يقول: "أقرب السحر"؟ فإن قيل: لا، عاد الى صلاته، وإن قيل أسحرنا، جعل يستغفر الله تعالى إلى الصلاة، فأسأل الله تعالى جميعاً أن نكون قد أدركنا ليلة القدر التي عبادتها تعادل عبادة 83 سنة وأربعة أشهر. يقول الإمام مالك (رحمه الله): بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اطلع على أعمار الناس قبله، فكأنه تقاصر أعمار أمته، ألا يبلغوا من العمل الصالح الذي بلغ غيرهم من طول العمر، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر خير من ألف شهر، ففي هذه الليلة تنزل البركات والرحمات، وفيها يظهر ما جرى به القلم، وينكشف ما جرت به المقادير، ويبين الله لملائكته الكتبة كل أمر من أرزاق العباد، وآجالهم، وجميع شؤونها من هذه الليلة إلى ليلة القدر، يقول أبو هريرة (رضي الله عنه): "إن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: شهر رمضان فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم".

"بكت القلوب على وداعك حرقة

كيف العيون إذا رحلت ستفعل

رمضان لا تمضي وفينا غافل

ما كان يرجو الله أو يتذلل

رمضان لا أدري أعمري ينقضي

في قادم الأيام أم نتقابل"

أسأل الله تعالى أن يختم لنا ولكم شهرنا هذا بذنب مغفور، وعمل صالح متقبل مبرور، وأن يعتق رقابنا من النار..

وكل عام وأنتم بخير.