الكويتيون اليوم أمام الاختبار، إما أن يكونوا على قدر من المسؤولية الوطنية، فيعملون على مساعدة رئيس الدولة لإنقاذ البلاد، وفق الرؤية الواضحة التي حددها صاحب السمو، أكان في النطق السامي بالعشر الأواخر، أو في خطبه خلال الأشهر والأسابيع الماضية، وحدد فيها الرؤية لما يرغب، بل ترغب غالبية الشعب، أن تكون عليه الكويت.
في الأيام والأسابيع والأشهر الماضية، رأينا حاكماً متابعاً لكل ما يجري في الساحة المحلية، حازماً في القرار، بل عرفنا كيف يكون الحكم الرشيد، وهنا لا بد من الاعتراف بأننا، وللمرة الأولى منذ نحو 50 عاماً، أمام قيادة مختلفة تماماً، طموحاتها الوطنية لا تقبل التأويل، وبالتالي فإن الرهان اليوم على اختيارات الكويتيين، فلا يقدمون الولاء القبلي والطائفي، أو المصالح الموقتة على مصلحة بلدهم، بل عليهم الذهاب إلى صناديق الاقتراع بروح إنقاذية، كي يعملوا على اختيار ممثليهم الذين يقدمون أيضاً مصلحة الكويت على كل النزوات والمطامع الشخصية.
وكما قال سموه في خطاب العشر الأواخر، مخاطباً الشعب: "ألا يتم اختيار من كان هدفه تحقيق المصلحة الشخصية أو افتعال الأزمات، أو المساس بالثوابت الدستورية، فاختياركم السليم طريقكم لبناء مستقبل وطنكم وأجيالكم"، أي أن سموه قد أوضح طبيعة المسار الواجب أن يكون عليه الاقتراع، فلا تكون هناك تزكية للمتمصلحين على حساب الوطن.
كذلك لا يعتد الناخبون بـ"الفزعة" التي أطلقها المرشحون، لمآرب شخصية، بعيدة كل البعد عن مصلحة الكويت، وهو ما أشاع الفساد، بل تعدى ذلك إلى تغيير الثقافة الاجتماعية الكويتية، فممارسات السنين الماضية، أكانت برلمانية أو وزارية، أوجدت خللاً، لا يمكن إصلاحه إلا بقيام سلطتين متعاونتين، وفق مسار وبرنامج واضح، وليس العودة إلى برامج القص واللزق كما في العقود الماضية، التي أنتجت مجالس وزراء ضعيفة، سمتها الأولى الخضوع والخنوع أمام أي تهديد نيابي بالاستجواب، وكذلك لا يكون هناك نواب يعملون وفق أجنداتهم الشخصية أو الحزبية، فيستبيحون كل المحاذير، ويرتكبون الموبقات في الإدارة العامة، طمعاً في صوت من هنا أو هناك.
لهذا، كان صاحب السمو صريحاً حين قال: "ابتعدوا عن خيانة أمانة الصوت"، فقد لاحظ الجميع في المجالس الماضية مدى الأضرار التي تسبّبت بها الاختيارات القائمة على الرشوة الانتخابية والشخصية. ولهذا، فإن الأمل معقود على ما ستسفر عنه اليوم الانتخابات من مخرجات، وهل تأتي بـ"مجلس متميز بوجوه ذات فكر مستنير، وأعضاء يستفيدون من الدروس والتجارب البرلمانية السابقة، وينهضون بمسؤولياتهم الوطنية"؟
إن هذا السؤال مطروح، ليس فقط من صاحب السمو الأمير، بل من غالبية عقلاء الكويت الذين يتألمون يومياً لما وصلت إليه البلاد من انحدار على كل المستويات، وعبث بالشأن العام، وتراجع في الإدارة، والاقتصاد، والمجتمع، جراء زحف سلطة على صلاحيات أخرى، بل ومصادرتها.
كفى ما عانته البلاد طوال عقود من التجارب الفاشلة، ومن السلطتين، وعلى الجميع أن يعمل على تحقيق الرؤية الأميرية الواضحة في تحقيق أماني الشعب، لأنه كما يدرك الذين عركوا الحياة السياسية الكويتية منذ ستة عقود إلى اليوم، إن لم تكن مخرجات الانتخابات على قدر من الجدية والحنكة والمسؤولية الوطنية، لا شك، ووفقاً لما قرأ المراقبون بين سطور خطاب العشر الأواخر، سيكون هناك إجراء مؤلم، واللبيب من الإشارة يفهم.