حوارات
"وَتِلْكَ الأيّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النّاسِ" (آل عمران: 140).
الْمُتَّقون في سياق هذه المقالة هم المؤمنون الذين يتّقون غضب الله عز وجل، فلا يظلمون، ولا يحسدون، ولا يكذبون، ولا يأكلون حقوق الناس.
ومن لا يفترون على الآخرين، أو يشوّهون سمعتهم، ومن لا يمارون حبًّا في الجَدَل العقيم، وهم كذلك من تغلب عقولهم على أهوائهم، ومن بالنسبة لهم: الأيّام دُوَلْ، فلا يبقى شيء على حاله، وأنّ الصفة الأبرز، والأكثر ثباتًا في الحياة الإنسانية، هي التحوّل والتغيّر الدائم، فمن يتغطرس على الخَلْق، ويتطاول ويتعجرف، ويجور عليهم، فقط بسبب اعتقاده أنه يستطيع فعل ذلك، سيأتيه يوم ربما يتحوّل فيه ضحيّة لا يُشْفَقُ عليه.
ومن سمات الْمُتَّقِين الذين يفهمون المعنى الشامل لمقولة "الأيّام دُوَلْ والعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين"، ويمارسون التَّقْوَى في حياتهم الخاصة والعامة، نذكر ما يلي:
- يجتنب التَّقِيّ ظلم الناس، لأنه من المؤمنين المحسنين الذين يعتقدون بصدق الحديث النبوي الشريف "الإحسانُ أن تعبدَ اللهَ كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يَراك"، وبسبب إدراكه التام أنّه كما يفعل سيجازى حتما بفعله.
- التَّقِيّ لا يُفرِط ولا يُفرِّط: لا يبالغ المرء التَّقِيّ في أقواله وتصرّفاته، لإدراكه أنّ غلبة الإفراط عليه تدلّ على غلبة هواه عليه، وأنّ الهوى البشري متغيّر ومتحوّل على الدوام.
ولا يُفرِّط التَّقِيّ في الإيفاء بمسؤولياته الأخلاقية تجاه نفسه ومن يهمه أمرهم، خاصة تجاه وطن وفّر له ولأهله المعيشة الكريمة.
- يتّصف التَّقِيّ بتذكّره المستمر للحقيقة الدنيوية التالية: الدنيا والأيام دُوَلْ تتغيّر، وتتحوّل، وتنقلب فيها أحوال وأوضاع الانسان وفقًا لقوانين حياتية، لا يستطيع التنبّؤ بدقّة بنتائجها، أو عواقبها عليه، وأنّ من يختار من الأمور أوسطها.
ومن يسعى وراء الاستقامة الأخلاقية قدر استطاعته، ومن ينتقي كلماته وتصرّفاته بعناية، ومن لا يثق بالدّهر، ويتحصّن منه وفق إمكانه، ربما يكون الأوْفَرُ حَظّاً في اتِّقَاء شرور الدّنيا.
- الأيّام دُوَلْ والعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين: "تَرَدَّ رِداءَ الصَبرِ عِندَ النَوائِبِ، تَنَل مِن جَميلِ الصَبرِ حُسنَ العَواقِبِ" (الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه).
كاتب كويتي
@DrAljenfawi