الاثنين 16 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 محمد الفوزان
كل الآراء

راتب أبي بكر الصديق

Time
الأربعاء 17 أبريل 2024
View
90
محمد الفوزان
قصص إسلامية

قصة روتها كتب السير وقصص الصحابة الكرام، وفيها

أن سيدنا أبابكر الصديق (رضي الله عنه) كان يأخذ راتباً من بيت المال، وهو خليفة المسلمين، وحاكم دولة واسعة الأطراف، تشمل الجزيرة العربية، وتتوغل في بلاد الشام غزواً وفتحاً، ما يكفي لقوته وقوت أسرته الصغيرة.

وقد كان يعمل في التجارة قبل أن يتولى الخلافة، وشغلته الخلافة عن تجارته، فاضطر إلى أن يأخذ من بيت المال راتباً يعوله وأهله، لأنه لا يجد وقتا للتكسب والارتزاق، وذلك في صالح المسلمين، والانشغال بمهمات الخلافة، وإدارة البلاد.

وكان الذي يأخذه من بيت المال يكفي لإقامة صلبه وصلب عياله من طعام، من خبز وإدام، لا تجد أم عياله سبيلا إلى التفنن فيه، والتوسع في المطاعم، كما يفعله من بسط الله له في الرزق من أغنياء الأسرة وأهل البلد.

وكانت الأسرة أحسن حالاً، وأنعم بالاً حين كان سيد الأسرة– الصديق– يرتزق بالتجارة.

وكان لأبي بكر أولاد صغار يعتمدون على ما يقيم صلبهم، ويسد رمقهم من طعام متشابه، لا يجدون ما يشبعون رغبتهم من حلوى وفاكهة، كمن كان في سنهم من أبناء أسر المدينة، الذين أغناهم الله ووسع لهم في الرزق، وكانت لآبائهم حدائق، وتجارات، ومزارع.

شعرَتْ بذلك أمهم فأرادت أن تُحليّ يوما أفواه الأبناء الصغار بالحلوى، فقالت لزوجها أن يسمح لها بذلك يوما من الأيام، ويزيد في راتبها من بيت المال، فقال: "إن بيت مال المسلمين– وفيهم فقراء وأهل خصاصة– لا يتسع لإشباع الرغبات، والتنوع في المطاعم والمشارب".

فقالت: "لو استفضلت من نفقتنا أياما عدة، وبقيت لنا بقية، هل هنالك مانع من أن نشتري بها حلوى"؟

قال: "لا بأس بذلك، وهذا يرجع إلى قدرتك وجهدك".

فاستفضلتْ زوج أبي بكر الصديق من نفقتها من أيام عدة ما يصلح لأن يشتري به حلوى، وقدمت الدريهمات إلى أبي بكر، وقالت: "هاك دريهمات، تستطيع أن تشتري بها لنا حلوى".

ولم يكن من شأن الصديق إلا أنه رد الدريهمات إلى بيت المال، وقال لمن يلي أمره: "قد تحقق لدينا أن أسرتنا تستطيع أن تعيش وتقوت أعضاءها بأقل مما تتقاضى من بيت المال من الدريهمات، فأسقط من نفقتنا كل يوم بقدر هذه الدريهمات، فإنها كانت زائدة على حاجتنا، وليس بيت مال المسلمين لتترفه به أسرة الخليفة وتتوسع به في المطاعم".

وهكذا كان، فنقص من راتب كل يوم بقدر هذه الدريهمات، وكان من حظ الأسرة السعيدة الصالحة – التي كان يحكم سيدها بلاداً واسعة، وتأتيه الغنائم والثروات من أطراف كثيرة – الغُرم بدل الغنم".

ولم تستطع أن تحقق رغبتها في ما اشتهته من حلوى، بل اضطرت إلى أن تقنع براتب أقل مما كانت تناله كل يوم من بيت المال، ورضيت السيدة زوج الصديق بما فعله زوجها (رضي الله عنه) ولم تعتبره غُرما وخسارة.

إنَّ خليفة المسلمين أبا بكر الصديق ضرب المثل لمن يولى أمر المسلمين؛ فضَّل الزهد والقناعة على التوسع في الطعام والشراب، إلى جانب قضاء الطلبات ورغبات النفس، لقد كان المثل الكبير في تفضيل الدنيا على الآخرة، وأنَّ الذي عند الله الخير الكبير والخير الأبقى.

رضي الله عنه وأرضاه.

"أولئك آبائي فجئني بمثلهم

إذا جمعتنا يا جرير المجامع

ملكنا بأقطاب السماء عليكم

إمام وخطيب

[email protected]

آخر الأخبار