الأربعاء 08 مايو 2024
29°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 أحمد الجارالله
الافتتاحية

هل دستور الكويت قرآن مُنزَّل... والنواب صحابة مُصلحون؟

Time
الأربعاء 17 أبريل 2024
View
130
أحمد الجارالله

الدساتير ليست قرآنا منزلاً، بل هي تحدد السلوك الاجتماعي العام من جهة، وتنظم العلاقات بين السلطات من جهة أخرى، ولهذا من الضروري البحث في شأنها بين حين وآخر.

هذه قاعدة سائدة في مختلف دول العالم، التي تحترم شعوبها، وتسعى إلى تطوير مجتمعها، أما اذا ابتُليت بمجموعة من المتمصلحين، الذين عرفوا كيف يستفيدون من الثغرات في النص، فإن هؤلاء يعمدون إلى تأبيده، ويحاربون تطويره، ويحرصون على الفوضى التي تحصل حين لا يجري تطوير الدولة، ولهذا يهددون بالويل والثبور، وعظائم الأمور كلما كانت هناك دعوة لتعديل الدستور الكويتي نحو الأفضل، كما ورد في نصه الواضح.

في المقابل، بين فترة وأخرى تجري برلمانات الدول وحكوماتها وقادتها، مراجعات للنصوص الدستورية، فإذا وجدت أي ثغرة تؤدي إلى فساد ما، أو تجيز لمجموعة معينة الاستفادة منها جرى تعديله نحو الأفضل، فالمانيا بعد العام 1945 عدلت دستورها 62 مرة، والولايات المتحدة الأميركية 27 مرة، أما فرنسا، التي أخذت منها معظم الدول العربية الدستور والقوانين، فقد عدلته 24 مرة.

كل هذا فعلته الدول من أجل ضمان ممارسة برلمانية وحكومية صحيحة في سبيل تطوير المجتمع، ولم تقم القيامة فيها، بل إن الأمر يجري بكل سلاسة، حتى اليونان القديمة التي عرف العالم منها الديمقراطية، عدل دستورها عشر مرات طوال العقود الماضية، حين كانت مملكة أو عندما أصبحت جمهورية، لأن الهدف من ذلك السعي إلى تطوير المجتمع، وليس مصالح هذا أو ذاك.

لهذا نسأل: هل الدستور الكويتي مكتمل الأركان، وليس فيه أي عيوب، أم أن الثغرات التي اكتشفت خلال الستين عاماً الماضية، أوجبت البحث في تعديله، وهل الديمقراطية التي نتغنى بها اليوم باتت تعبر عن مجتمعنا، أم أنها كانت السبب في إثارة النعرات القبلية والطائفية، وأوجدت برلماناً مشوهاً لا يعبر عن طبيعة المجتمع القائم على التسامح والتعاضد؟

ثمة شعوب ارتضت أن يكون لديها مجالس شورى، لأنها وجدتها الأنسب لها، فيما في المقابل هناك شعوب متخلفة نشبت فيها حروب أهلية لمجرد أن طرح تعديل الدستور، ومنها لبنان الذي غرق بحرب طوال 15 عاماً، فيما تونس لا تزال إلى اليوم تعاني من سوء التعديلات الدستورية التي أملتها بعض الأحزاب بعد ما سمي "الربيع العربي"، بينما ليبيا تعيش حرباً مستمرة نتيجة عدم الاتفاق على دستور واحد بعد زوال نظام القذافي، وكذلك سورية.

في الكويت لدينا القدرة على العمل لتحسين المجتمع من خلال تعديل الدستور، خصوصا أن هناك أميراً آل على نفسه أن يعيد الريادة للكويت، وينهض بها، بعدما عشنا طول ستة عقود في ظل صراع عبثي لمنع تطوير الدولة، التي هي اليوم بأشد الحاجة إلى ممارسة برلمانية وحكومية صحيحة.

في الخليج العربي والإقليم، الكويت الوحيدة التي تشكلت فيها 46 وزارة في غضون 60 عاماً، أكثر من ثلثيها كانت بعد التحرير، إلى حد أن بعضها لم يتعد عمرها ثلاثة أشهر، وكل هذا نتيجة استجوابات نيابية قامت على المصالح الشخصية، فهناك مرات كثيرة وقع سحب الثقة من الوزير قبل أن يسمع بقية النواب دفاعه، فيما عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء سيف مصلت على الرقاب، ودائما تكون النتيجة إما إقالته، أو حل مجلس الأمة، وبذلك نعود الى المربع الأول.

أيضاً من الثغرات تحديد 14 يوماً لتشكيل الوزارة، لهذا دائماً ما يكون فيها خلل، فإما تنوط أكثر من وزارة بشخص واحد، وأما يجري سلقها سلقا، لأن المهلة الممنوحة للرئيس المكلف تدهمه بسرعة.

لكل هذا، ولكي تخرج الكويت من الحلقة المفرغة التي تدور فيها، ووفقا لما تقوله الأوساط المقربة من الحكم، نحن اليوم أمام حاكم يسعى إلى رؤية تنموية جادة، ينادي بها منذ توليه سدة الحكم، ويبذل كل جهد لتخليص البلاد من آفات طفيلية نمت في ظل صراع المصالح بين بعض الفئات التي وجدت بين ليلة وضحاها إنها قادرة على قلب الطاولة إذا لم يعين هذا الموظف من خاصتها، أو إذا لم يعجبها ذاك الوزير.

ولأن الدستور الحالي يقيد الحاكم والسلطة التنفيذية التي تعاونه، فإننا لن نخرج من الحلقة المفرغة إلا بتعديل الدستور، حتى لو كان ذلك بتعيين مجلس شورى، أو يكون البرلمان من غرفتين.

آخر الأخبار