لن أتوقع من سيكون الرئيس، لكنني سأتناول المواصفات المطلوبة للرئاسة في المرحلة المقبلة، التي قد تكون حبلى بتطورات سوف تنعكس من دون شك على اداء كل من الحكومة والمجلس، وعلى المشهد السياسي برمته.
فما هي المواصفات المطلوبة لرئاسة المجلس؟
إن رئاسة مجلس الأمة ليست بالأمر اليسير، فهي تكليف لا تشريف، ومن يتبوأها يتحمل مسؤولية كبيرة، فمنصب الرئاسة مهم في الهيكل السياسي للدولة، وبروتوكوليا يأتي في الموقع الثاني، وبناء على ذلك، فإن رئاسة المجلس ينبغي أن تكون للجميع، أي لجميع أعضاء المجلس باختلاف آرائهم وأفكارهم.
كذلك للمجلس والحكومة بحكم عضويتها بالمجلس، وهنا تكون مهمات الرئاسة إدارة العملية السياسية بحياد وموضوعية، من دون أن يتم إقحامها مع هذا الطرف أو ذاك، أو مع هذه السلطة أو تلك. وقد بينت تجربة الماضي ان اقحام الرئاسة في الخلاف والاختلاف يجعلها طرفا فيه، ويفقدها القدرة على الوصول الى التسويات والحلول الوسط.
إن حيادية الرئاسة في إدارة العملية السياسية تقتضي الإلمام الواسع، والدراية والخبرة بالدستور واللائحة الداخلية، وقرارات المحكمة الدستورية ذات الصلة، فكل ذلك يشكل القاعدة، والمنطلق لمهمات الرئاسة، لتمكينها من تكريس الحيادية.
ومن المواصفات المهمة لرئاسة موفقة لمجلس الامة المرونة، ورحابة الصدر، وتحمل الرأي الآخر، ومنح أعضاء المجلس المساحة الكافية للتعبير عن آرائهم وأفكارهم، فالرئاسة لا تحكم المجلس لكنها تديره.
من الطبيعي أن تواجه الرئاسة مضايقات، أو خروجا عن اللائحة، أو تصرفات غير مقبولة، وهنا تأتي الخبرة، والحنكة، والحكمة في التعامل مع ذلك.
إن السلطات الثلاثة، التشريعية و التنفيذية والقضائية، يرأسها رئيس السلطات صاحب السمو أمير البلاد، وقد نصت المذكرة التفسيرية على أن سموه أباً لأبناء الوطن جميعا، وهذا يقتضي لزوما أن تأخذ رئاسة مجلس الأمة مرئيات القيادة بكل اعتبار، ومرونة.
إن الهدف الأساسي الذي ينبغي أن يكون نصب عين من يتقلد الرئاسة هو التعاون بين السلطتين، المجلس والحكومة، والحرص على استقلالية القضاء، وكل ذلك له أساسه الدستوري، واذا لم يتحقق ذلك، انفرط عقد الاستقرار السياسي، وتعثر الجميع، والخاسر هو الوطن.
والتعاون لا يكون إلا بالحوار الهادف، والهادئ، والرغبة للوصول إلى أرضية وسط، وعلى الرئاسة في كل ذلك أن تعمل على عدم تحول الاختلاف في الرأي خلافا.
وغني عن البيان، أن السلطتين، التشريعية والتنفيذية، شريكتان في النجاح والفشل، لكن ذلك لا يقلل من أهمية دور رئاسة المجلس ومسؤوليتها، وقد شاهدنا كيف أدت أزمة محدودة يمكن احتواؤها الى حل المجلس، بينما قامت الرئاسة في قيادة المجلس إلى بر الأمان في أزمة كبيرة، وذلك دون شك يبين الدور المهم للرئاسة.