الخميس 09 مايو 2024
26°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
نوابنا أصبحوا حكام ظل ... عدِّلوا الدستور
play icon
الافتتاحية

نوابنا أصبحوا حكام ظل ... عدِّلوا الدستور

Time
الاحد 21 أبريل 2024
View
270
أحمد الجارالله

ليس ضرباً في الرمل أن نعترف بشلل النظام السياسي، وعجزه عن التطور، بل هذه حقيقة لا بد أن تكون في بال كل مسؤول ومواطن، وعلينا إدراك أن التطوير لن يأتي بالصدفة، إنما بالعمل، المبني على رؤية نحو الأفضل.

وفي هذا الشأن، لا غرو إذا عاد الكويتيون إلى خطة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق طوني بلير(وضعت عام 2009) الذي حدد فيها المواصفات الواجب الأخذ بها لتنشيط مؤسسات الدولة، وأن تعمل كل سلطة بمنأى عن تدخلات الأخرى.

مما قاله بلير في مقدمة خطته "إن الكويت اليوم بحاجة إلى أن تتخذ قراراً جوهرياً بشأن مستقبلها، فتاريخها عظيم وإمكاناتها هائلة، وشعبها مبدع ويتمتع بمواهب كبيرة.. لكن الحقيقة هو أن تلك الإمكانات لن تتحقق والمواهب ستتبدد اذا استمرت السياسات الحالية"، والسؤال هنا: من يتخذ ذلك القرار؟

المعروف أن الدستور وضع في العام 1962، خلال مرحلة حرجة، وكان الهدف الخروج من مأزق التحديات الإقليمية المهددة للمصير الوطني، ويومذاك كانت أصوات الحركات القومية والشعبوية عالية النبرة، لذا صيغت مواده وفقا لتلك الظروف، ولهذا كان النص واضحا بوجوب النظر فيه بعد خمس سنوات، وتطويره.

هذه المراجعة لم تأت أبداً، فيما كانت الإساءة إلى النص مستمرة، أكان في العلاقة بين السلطتين، وجعل النائب حاكم ظل، أو في عدم توضيح مهمة مجلسي الأمة والوزراء، لهذا علينا الاعتراف أن بعض حكام الكويت تحاشى الحكم، وترك الأمر يجري وفقا لما يراه البرلمان، الذي ثبت بعد التحرير، أنه تعدى مهمته كثيرا، وزحف على صلاحيات الحكومات، إلى حد أن نائباً واحداً يحكم بصوابية هذا القرار أو ذاك، وعلى الوزير أن يذعن، وإلا فإن مقصلة الاستجواب تكون مسلطة على رقبته.

ألم يجر إعدام أكثر من رئيس مجلس وزراء سياسيا لأنه رفض بعض التعيينات النيابية، أو لم يوافق على قانون لا يناسب الوضع المالي للدولة؟

مهمة البرلمانات في العالم الرقابة على أعمال الحكومات، والتشريع، وليس لها الحق في تعيين فلان، أو التدخل بعمل السلطة التنفيذية، لكن ما يجري عندنا يخالف ذلك، فاذا لم يعجب النائب بشكل الوزير قدم له استجوابا، أو إذا لم يوافق على إرسال مؤيديه للسياحة في الخارج بحجة العلاج، أو لم يعين أقاربه في مناصب المسؤولية استجوبه!

لا شك أن إصلاح الخلل يبدأ من تعديل الدستور، وهذه مهمة ضرورية بعد 62 عاما من إقراره، كي تستقيم العلاقة بين السلطتين، خصوصا في ما يتعلق بالاستجوابات التي تمر بإجراءات كثيرة في الدول الأخرى، وكذلك المهلة الممنوحة لرئيس الوزراء المكلف، إذ لا يمكن في غضون 14 يوما أن يؤلف وزارة، إلا اذا كان القصد منها بـ"من حضر"، فيما المطلوب حاليا، وكما في العالم، أن يكون الوزراء أصحاب اختصاص، فالوزارة ليست منصباً سياسياً فقط، إذ إضافة الى ذلك هي مهمة فنية، ولهذا لا بد أن يعطى رئيس مجلس الوزراء مهلة، ربما تصل إلى شهر أو شهرين.

وفي هذا الشأن، ورغم أن الدستور منح الحاكم سلطات كبيرة، وهو في العرف السياسي "أبو السلطات"، لكنه في الوضع الكويتي قيده بجملة موانع لا تستقيم مع الممارسة السياسية الصحيحة الواجبة لادائه الحكم على الوجه الذي يناسب المنطق، ولهذا فإن ما قاله طوني بلير عن "شلل النظام السياسي"، يحتم تعديل الدستور، الذي هو مهمة عاجلة لا تقبل التأجيل.

  • أحمد الجارالله

آخر الأخبار