الاثنين 16 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 محمد الفوزان
كل الآراء

الرضا بما قسمه الله لك

Time
الأربعاء 24 أبريل 2024
View
120
محمد الفوزان
قصص إسلامية

الرضا بما قسمه الله من صفات المتقين، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) انظروا إلى من هو أسفلَ منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم"(متفق عليه).

سأل الملك وزيره الأول: "لماذا أجد خادمي سعيداً أكثر مني في حياته، وهو لا يملك شيئاً، وأنا الملك لدي كُلّ شيء ومَتَكَدّر المَزاج"؟

فقال له الوزير: "جرب يا مولاي معه قاعدة 99".

فقال الملك: وما هي قاعدةُ الـ99"؟

قال الوزير: "نضع99 ديناراً في صرّة عند بابه في الليل، ونكتب على الصرة مئة دينار هدية لك، واطرق بابَه وانظر ماذا سيحدث".

فعل الملك ما نصحه به وزيره، فأخذ الخادم الصرة، فلما عدها قال: "لا بد أن الدنيار الباقي وقع في الخارج، فخرج هو وأهل بيته كلهم يفتشون عن الدينار الناقص، لقد ذهب الليل كله وهُمْ يفتشون، فغضب الخادم الأب لأنهم لم يجدوا هذا الدينار الناقص بعد أن كان هادئاً، وفي اليوم الثاني أصبح الخادم مَتَكَدّرَ الخاطر لأنه لم ينم الليل كله.

فذهب الى الملك عابس الوجه متكدر المزاج غيرَ مبتسم ناقماً على حاله، حينها علم الملك ما معنى الـ99.

نحن ننسى النعم الوفيرة التي وهبنا الله إياها، ونقضي حياتنا كلها نبحث عن نعمة مفقودة، نبحث عما لم يقدّرْهُ الله لنا، ومنعَهُ عنا لحكمة لا نعلمها، ونَكَذَّرُ أنفسنا، وننسى كل ما نحن فيه من نعم.

استمتعوا بالنعم التى لا تحصى، واسألوا الله من فضله، واشكروه على نعمه التى لا تُعد ولا تحصى.

"وإن تَعدُّوا نِعمة الله لا تحصوها، إن الله لغفور رحيم" (النحل 18).

أرملة عاشت مع طفلها الصغير في حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل، في ظروف صعبة، إلا أن هذه الأسرةَ الصغيرةَ كانت تتميز بنعمة الرضا، وتملك القناعةَ التي هي كنز لا يَفنى.

لكن أكثر ما كان يزعج الأم هو هطول الامطار في فصل الشتاء، فالغرفة عبارةٌ عن أربعة جدران، وبها بابٌ خشبي، غير أنه ليس لها سقف.

وكان قد مر على الطفل أربع سنوات منذ ولادته لم تتعرض المدينة خلالها إلاّ لزخات قليلة وضعيفة، إلا أنه ذات يوم تجمعت الغيوم، وامتلأت سماء المدينة بالسّحب الداكنة، ومع ساعات الليل الأولى هطَل المطر بغزارة على المدينة كلها، فاحتمى الجميع في منازلهم، أمّا الأرملة والطفل فكان عليهما مواجهة موقف عصيب.

نظر الطفل إلى أمّه نظرةً حائرةً، وانْدَس في أحضانها، لكن جسد الأم مع ثيابها كان غارقا في البلل.

أسرعت الأم الى باب الغرفةِ فَخَلَعتَهُ ووضعته مائلاً على أحد الجدران، وخبأت طفلها خَلْفَ البابِ لتَحجْبُ عنه سيل المطر المنهر.

نظر الطفل الى أمه في سعادة بريئة، وقد علت وجهه ابتسامة الرضى، وقال لأمه: "ماذا يفعل الناسُ الفقراء الذين ليس عندهم باب حين يسقط عليهم المطر"؟

لقد أحسّ هذا الطفل الصغير في هذه اللحظة بأنه ينتمي الى طبقة الأثرياء... ففي بيتهم باب.

ما أجمل الرضى!

إن الرضى جنّة المؤمنين، فيها يستريحون من هموم الدنيا، ومشكلات النفس وضيقها، على عكس من لا يرضى بما قسمه الله له.

فانه يكون على الدوام في شدّ وجذب مع نفسه، وفي كدر وضيق.

حياتنا ينقصها الرضى فقط.

جلستُ مع المتزوج فحدثني بشوق عن حياة العزوبية.

وجَلَسْتُ مع الأعزب فحدثني عن حياة المتزوجين.

حدَّثتُ الغني، فأخبرني عن شوقه لحياة البسطاء

وحدّثت الفقراء، فلعنوا فقرهم واشتاقوا للغنى.

حدَّثْتُ المثقف فاشتكى من العلم في زمن الجهالة، وحدَّثْتُ الجاهل فبكى على علم لم ينله.

حدثت الشيخ الكبير، فهام في حديثه عن الطفولة.

وحدثت الطفل فقال: "متى أصبح كبيراً مثلكم"؟

وحين جلست مع نفسي وحدثتها عن كل هؤلاء، قالت لي: كلهم سعداء، لكن ينقصهم الرضا. تلك هي حياتنا ينقصها الرضى.

الرضا يا سادة هو سرورُ القلب بمر القضاء، وهو نعمة غالية وعبادة قلبية تغيب عن الكثير، مَنْ يفتقدها يشعر بالسخط والضجر، ولا يتلذذ بما أعطاه الله من نعم.

[email protected]

آخر الأخبار