المحافظون في الدول المتقدمة صلاحياتهم كبيرة

درجت العادة في الكويت أن يعين المحافظ والمختار من أجل المنفعة، والتكريم بعد خدمة طويلة، ولهذا أصبح منصبه شرفياً إلى حد كبير، إلا من رحم الله ممن عملوا على أداء دورهم، والإشراف على بعض الأعمال في محافظاتهم، وهؤلاء كانوا قلة، ولم تتح لهم الفرصة للاستمرار بأعمالهم.

في المقابل، كان المحافظون يستعينون بمستشارين وموظفين من أجل التشريفات والوجاهة، وتكون مكاتبهم الفخمة للبروتوكول وهي ديوانيات لا أكثر، فيما في كل دول العالم يعتبر المحافظ حاكماً محلياً، لديه سلطات عدة، وفريق يعُنى بكل المرافق والخدمات، والأمن العام أيضا.

ففي السعودية مثلاً، فإن مجلس المحافظة، أو المنطقة، يعالج قضايا الخدمات ذات الطابع المحلي، ما يساعد على تخفيف العبء عن كاهل الجهاز المركزي، بينما في سلطنة عُمان فإن من صلاحياته ضمان سيادة القانون، وحماية مصالح الدولة، وتعزيز هيبتها، وتنمية واستثمار الموارد الخاصة بالمحافظة والترويج لها، من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وخلق فرص عمل للمواطنين، والعمل على الاستفادة من المقومات المختلفة في المحافظة.

كذلك الأمر في فرنسا فالمحافظ حاكم محلي يرأس مجلس المحافظة، ويشرف على كل شؤون المنطقة، وعلى ميزانيتها، ويعمل بالتشاور مع مجلسها على فرض رسوم على الخدمات، اذا دعت الحاجة لذلك، كما أنه يمثل الدولة في إبرام العقود الخاصة بمشاريع المحافظة، أي بمعنى آخر هو رئيس السلطة المحلية في النظام اللا مركزي للدولة.

أيضا في بعض الدول هو ممثل للسلطة التنفيذية بالمحافظة، يتولى مسؤولية الإشراف على تنفيذ السياسة العامة للدولة، ومتابعة مشروعات خطة التنمية في محافظته، بل أكثر من ذلك، فهو لديه صلاحيات أن يختار بعثات دراسية، من القاطنين في محافظته، إلى الخارج لدعم الاختصاصات التي تحتاجها منطقته.

كما تكون من مهمات المحافظ الإشراف على صيانة البنية التحتية، ولديه ميزانية محصلة من الرسوم التي تتقاضاها لتأمين الخدمات، كصيانة الطرق، وجمع القمامة، وبعض النواحي الجمالية.

وفي كثير من الدول حددت صلاحيات المحافظ انه "يتابع تنفيذ القوانين والأنظمة الإدارية، وذلك بما يكفل تحقيق الصالح العام، ودراسة تظلمات وشكاوى المواطنين التي يتلقاها والاتصال بالجهات ذات الشأن لتيسير الحصول على المعلومات اللازمة بشأن حلها أو اقتراح المناسب لها، وإخطار المواطنين برد الجهات في خصوصها، كذلك يعمل على تلقي معاملات المواطنين، وإحالتها إلى الجهات الحكومية المختصة، ومتابعتها".

كل هذا لم يعمل به طوال عقود في الكويت، لهذا تراجع دور المحافظين، وأصبح يقتصر على الأعمال الإدارية في مكاتبهم فقط، بينما هو بصفته حاكماً محلياً عليه متابعة كل أمور منطقته، أكان أثناء الدوام أو خارجه، بل اذا تطلب الأمر يعمل ليلاً ونهاراً.

لهذا، فإن فكرة تطوير دور المحافظين مهمة جداً خصوصاً في الكويت، التي تحتاج حالياً الى كل جهد من أجل الخروج من مأزق التراجع الذي تعانيه منذ سنوات.

منذ زمن ننادي بتفعيل دور المحافظين، وكذلك المختارين، فكل هذه السلطات لديها إمكانات كبيرة إذا جرى توظيفها بالشكل الصحيح، يمكنها أن تتحول خلايا نحل تنتج تنمية مستدامة، أما إذا تركت على ما هي عليه، فإنها تتحول عبئاً على المال العام، والدولة، ولا نفع منها.

شكراً لتوجيهات أميرنا في هذا الشأن، فنحن أمام نهضة مباركة.

[email protected]