الأحد 08 يونيو 2025
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 د. حمود الحطاب
كل الآراء

الزرازير والمينا... قضية تركيبة مختلة

Time
الثلاثاء 30 أبريل 2024
View
50
د. حمود الحطاب
شفافيات

قبل كل شيء، أود أن أبدأ بهذه الآية القرآنية الكريمة لانها داخلة تماما في موضوعي الرمزي الخطير والمهم.

الآية تشير وبقوة الى أهمية التركيبة الكونية البيئية والاسكانية غير المختلة: تركيبة نبي الله نوح؛: "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ".

وسنرجع للآية القرآنية الكريمة لاحقا، بعد أن نحكي ما نحكي، ونبث من الشجون ما نبث:

واليكم ما يلي: فتمشيا من عنوان المقالة اقول: يعتبر طائر المينا، الذي تشاهدونه في كل مكان في الكويت منتشرا، من الطيور المهاجرة، التي استوطنت الكويت، ومنذ الساعات الاولى للغزو العراقي للكويت عام1990، فقد جاءت هذه الطيور زاحفة طائرة تتقدم جيوش المحتلين الى الكويت الآمنة المطئنة، حيث اختلت القوة والسيطرة.

وطير المينا من الطيور ذات المواصفات العديدة، فهو من ناحية الالوان؛ فألوانه الابيض والاسود؛ وكأنه نوع من الغربان؛ وله اجنحة طويلة يظهر فيها الابيض والاسود متداخلين حين يطير.

ومن صفاته قدرته على التقليد كالببغاء؛ وهو طائر اناني خبيث يتميز بالعدوانية ضد الطيور الأخرى، التي يختلط بها في موطن اقامته واقامتها، حيثما حل.

وهو طائر غير محبوب تعمل العديد من الدول على التخلص منه، وتتم ابادته في بعض الدول بطرق متعددة، لانه عدو البيئة الحيوانية، عدو الطيور التي تصغره حجما، وقوة، فهو يقتل الطيور التي تساكنه، وبخاصة الزرازير؛ ويدمر اعشاشها ويكسر بيضها؛ فهو وافد خبيث "كريزي" اينما حل، وحيث ما اقام وهاجر، واسمه العلمي"Acridotheres tristis"، حتى لا يختلط نوعه على غيره.

وهو فصيلة زرزورية من فئة الزرازير، لكنه عدوها الأول والاقوى والأخطر، وهو يسعى الى ازالتها من مواطنها وبلادها ليحل مكانها؛ ولا يشعر بالارتياح الا عندما يقضي عليها.

ليس هذا الكلام مجرد نقل معلومة علمية عن احوال هذا الطائر الخبيث، المتمظهر بالاناقة، والرشاقة، والمشية المتمقترة الميادة المواغة؛ انما هذا الكلام قد اصبح واقع أمر في الكويت، فرضته لحظات الانهيار البنيوي، ومنذ لحظة الاحتلال والاختلال؛ فلم تعد هناك هيبة لأي شيء منهار.

وقد أدى وجود هذا الطائر الوافد الذي فرض نفسه تماما على البيئة الى اختلال بيئة الطير في الكويت، حيث قلت اعداد الزرازير المواطنة الاصلية، وقل وجودها في فاعليتها؛ فلم نعد نراها الا قليلا في الاستمتاع بموطنها.

ويتظاهر هذا الطائر الخبيث امام الناس انه يتعايش معها، لكنه حقيقة يكن لها الخبث والعداء، ويرغب في التخلص منها، فلا تغتروا بمسالمته الموقته.

وقد رأيت وبعيني اثناء قيادتي للسيارة مجموعة من طيور المينا في جانب من الشارع تنقض على زرزور فتقتله بمناقيرها دون هواده؛ كانت تنقره وتنهش رأسه؛ وهل يتحمل هذا الزرزور المسالم نقرات طير واحد منها؟

فمناقيرها حادة قوية، فكيف اذا اجتمعت عليه تنقره على رأسه؟

لقد احدث نوعا واحدا من الطيور المهاجرة في الكويت اختلالا في البيئة، فكيف بمئات من الطيور المهاجرة المسالم منها، والخبيث كطير المينا؟

ولنا في الآية التي ذكرتها مطلع المقالة عبرة، حيث اعد نوح التوازن البيئي للحياة بعد هدوء الطوفان، فالتوازن البيئي اساس الاستقرار والتنمية، والحياة الطبيعية. والعبرة لمن يعتبر.

$ كاتب كويتي

آخر الأخبار