الاثنين 16 سبتمبر 2024
36°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 محمد الفوزان
كل الآراء

من روائع قصص العرب

Time
الخميس 02 مايو 2024
View
5
محمد الفوزان
قصص إسلامية

"وما طردناك من بخل ولا قلل

لكن خشينا عليك وقفة الخجل"!

لفهم البيت اقرأوا قصته الرائعة: كان فيما مضى شاب ثري ثراءً عظيماً، وكان والده يعمل بتجارة الجواهر والياقوت.

وكان الشاب يؤثر على أصدقائه إيثاراً كبيراً، وهم يجلّونه، ويحترمونه بشكل لا مثيل له، ودارت الأيام دورتها، مات فيها والد الشاب، وافتقرت العائلة افتقاراً شديداً.

فبدأ الشاب يبحث عن أصدقاء الماضي أيام رخائه، فعلم أن أعز صديق كان يكرمه ويؤثر عليه، وأكثرهم قرباً منه قد أثرى ثراء لا يوصف، وأصبح من أصحاب القصور، والأملاك، والأموال.

‏فتوجه إليه عسى أن يجد عنده عملاً، أو سبيلاً لإصلاح حاله.

فلما وصل باب القصر استقبله الخدم والحشم، فذكر لهم صلته بصاحب الدار، وما كان بينهما من مودة قديمة.

فذهب الخدم فأخبروا صديقه بذلك، فنظر إليه ذلك الرجل من خلف الستار ليرى شخصاً رث الثياب عليه آثار الفقر، فلم يرضَ بلقائه‏، وأخبر الخدم أن يخبروه أن صاحب الدار لا يمكنه استقبال أحد.

فخرج الرجل والدهشة تأخذ منه مأخذها، وهو يتألم على الصداقة كيف ماتت، وعلى القيم كيف ذهبت، وعلى المروءة كيف ولّت من نفوس البعض؟

فقفل راجعاً إلى دياره، وعندما أصبح قريباً منها صادف ثلاثة من الرجال عليهم أثر الحيرة، وكأنهم يبحثون عن شيءٍ!

فقال لهم: ما أمر القوم؟

قالوا له: نبحث عن رجل يدعى فلان ابن فلان، وذكروا اسم والده.

فقال لهم: إنه أبي، وقد مات منذ زمن

فتأسفوا عليه، وذكروا أباه بكل خير، وقالوا له: إن أباك كان يتاجر بالجواهر، وله عندنا قطعٌ نفيسة من المرجان كان قد تركها عندنا أمانة، فأخرجوا كيساً كبيراً مملوءاً مرجاناً، فدفعوه إليه ورحلوا، والدهشة تعلوه، وهو لا يصدق ما يرى وما يسمع.

ولكن تساءل: أين اليوم من يشتري المرجان، فإن عملية بيعه تحتاج إلى أثرياء، والناس في بلدته، ليس فيهم من يملك ثمن قطعة واحدة؟

‏مضى في طريقه، وبعد برهة من الوقت صادف إمرأة كبيرة في السن، عليها آثار النعمة والخير، فقالت له: يا بني أين أجد مجوهرات للبيع في بلدتكم؟

فتسمر الرجل في مكانه ليسألها عن أي نوع من المجوهرات تبحث؟

فقالت: أريد أحجاراً كريمة رائعة الشكل، ومهما كان ثمنها، ‏فسألها: إن كان يعجبها المرجان؟

فقالت له: نِعْمَ المطلب، فأخرج بضع قطع من الكيس، فاندهشت المرأة لما رأت، فابتاعت منه قطعاً، ووعدته أن تعود لتشتري منه المزيد.

وهكذا عادت الحال إلى يسر بعد عسر، وعادت تجارته تنشط بشكل كبير، فتذكر بعد حين من الزمن ذلك الصديق الذي ما أدى حق الصداقة، ‏فبعث له ببيتين من الشعر له عبر صديق لهما:

"صحبت قوماً لئاماً لا وفاء لهم

يدعون بين الورى بالمكر والحيل

كانوا يجلونني مذ كنت رب غنى

وحين أفلست عدوني من الجهل".

فلما قرأ ذلك الصديق هذه الابيات، كتب على ورقة ثلاثة أبيات، وبعث بها إليه جاء فيها: ‏

"أما الثلاثة قد وافوك من قِبَلي

ولم تكن سبباً الا من الحيل

أما من ابتاعت المرجان والدتي

وانت أنت أخي بل منتهى املي

وما طردناك من بخل ومن قلل

لكن خشينا عليك وقفة الخجل".

[email protected]

آخر الأخبار