حوارات
"لَوْ كانَ لاِبْنِ آدَمَ وادِيانِ مِن مالٍ لابْتَغَى وادِيًا ثالِثًا، ولا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلَّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ علَى مَن تابَ" (حديث شريف).
قالت العرب الكثير من الأمثال، والحكم، والشعر عن الطَّمَع والجشع والشَرَه، منها: تُقَطِّعُ أعناقَ الرِّجالِ المطامِعُ، وأَكْثَرُ مصارِعُ الرِّجالِ تحتَ بُروقِ المطامِعِ، وعَتودٌ عِندَ الفَزَعِ، ذِئبٌ عِندَ الطَّمَعِ، ولا تجعَلْ شمالَك جَرْدَبانًا، والحِرصُ لُؤمٌ وَمِثلُهُ الطَمَعُ، ما اِجتَمَعَ الحِرصُ قَطُّ وَالوَرَعُ (ابو العتاهية).
ولا تَخضَعَنَّ لِمَخلوقٍ عَلى طَمَعٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ وَهنٌ مِنكَ في الدينِ (الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه)، ومن بعض أسباب انغماس بعض الأفراد، الذين يبدون ظاهريًّا وكأنهم عقلاء، في الطَّمَع الذي يقودهم الى هلاكهم الأخلاقي، وأحياناً يؤدي بهم الى الهلاك الفعليّ، نذكر ما يلي:
- الطَّمَع والتعويض النفسيّ: يتسبب شعور بعض الأشخاص بالنّقص، مهما اختلفت أسباب عقد النّقص، في سعيهم أحيانًا الى التخفيف من هذا الشعور المؤلم، عبر تصرّفاتهم المتهوّرة، يظنّون أنها ستعيد ملء ما هو ناقص في شخصياتهم.
والذي يطغى على نفسه الطَّمَع يهدف على ما يبدو الى تعويض ما مرّ به في السابق، إمّا من حرمان عاطفي، إما ما تعرّض له من فقر شديد، وإما لسدّ النّقص في قلّة احترامه لذاته، وتدريجيًّا يغلب الطَّمَع على الشخصية، ويُغشي عقل صاحبها، فيتجاوز حدود ما هو معقول في الحِرْص، ويتحوّل الى جشع مستطير، والعياذ بالله.
- كثرة المال لا تَعْني كثرة الهَيْبَة: يظن البعض، لا سيما الذين تمكّن الشَرَه من قلوبهم وعقولهم، أنّ كثرة أموالهم، ولو كانت من مصادر محرّمة، ستزيد من هيبتهم في مجتمعهم، وهذا بالطبع استنتاج فكريّ يتعارض مع الواقع الحياتي، حيث سيملأ قلوب الأخيار وأهل الصلاح، والعقلاء في المجتمع (الأغلبية) مقت شديد تجاه كل سارق، أو فاسد لا يتحرىّ الرِّزق الحلال، فما يعتقد أسير المطامع أنه توقير له، هو في حقيقة الأمر درءٌ إمّا لشرّه أو دفع لعَدْوَاه.
- الإنسان العادي كثير الهَفْو بسبب عدم كماله، والطمّاع الجشع سريع الهلاك باختياره.
كاتب كويتي