الخميس 17 يوليو 2025
43°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
30 سنة ونحن في أزمة
play icon
الافتتاحية

30 سنة ونحن في أزمة

Time
الاثنين 06 مايو 2024
View
1300
أحمد الجارالله

لا يمكن لدولة أن تعيش ثلاثة عقود أزمة مستمرة بسبب عدم وضوح العلاقة بين السلطتين، التشريعية والتنفيذية، وزحف واحدة على صلاحيات أخرى، وهو ما تسبّب في صراع عبثي، لا يمكن حله إلا إذا حُدّدت اختصاصات كل منها، أما غير ذلك، فإننا سنبقى نراوح مكاننا، ويزداد تراجع الاقتصاد أكثر، فيما لدينا احتياطي نفطي لمئة عام، يمكن استغلال دخله في تنمية عملاقة.

ما نعيشه محنة، بكل معنى الكلمة، إذ فيما محرم على أي أحد أن يطالب بتعديل الدستور، لأنه سيواجه بالكثير من الاتهامات، إلى درجة أنه في أحد المجالس اقترح بعض النواب حبس من ينتقدهم، أو يطالب بتعديل الدستور، بينما كان هؤلاء يمعنون بالتدخل في صلاحيات الحكومات المتعاقبة، أي أنهم كانوا يسعون إلى الإمساك بالحكم، ولو عبر قناع منع انتقادهم، رغم وجود حاكم للبلاد، وهو "أبو السلطات"، بل حاولوا التدخل في صلاحياته، عبر سعيهم إلى سنّ قوانين تحد منها، وهذا لم يحدث بأي بلد في العالم، حتى الأعرق ديمقراطية من الكويت.

في الأزمة الحالية، بشأن تشكيل الحكومة، حاول النواب، وهم لم يصبحوا بعد مُحصّنين دستورياً، أن يبتزوا الحكم، من خلال منع ترشيح أي منهم للانضمام إليها بصفة "محلل"، والهدف من ذلك تأخير التشكيل قدر المستطاع، إما لأن بعضهم يريد حل المجلس، وإما بانتظار حكم المحكمة الدستورية في 21 الجاري، كي يقرروا بعدها ماذا يريدون، وإما لمزيد من القوة وإرهاب مجلس الوزراء، وكأن الشلل الذي عاشته البلاد طوال الأشهر الماضية لا يكفي.

طوال العقود الثلاثة الماضية، بانت عيوب الدستور كلها، فقد هرم وأصبح بحاجة ماسة إلى تجديده، وحتى لو كان الأمر يستدعي تعليق مجلس الأمة لفترة، والاستعانة بخبراء دستوريين، مواطنين أو من الخارج، لتنقيحه، فالدول الديمقراطية الحقيقية، هي من تجدد أنظمتها الدستورية تماشياً مع متطلبات المجتمع، ومصالح الدولة العليا، ولا تقف عند رأي نائب أو كتلة، فالهدف هو المستقبل، وليس التمسك بالماضي، والكويت وبعد ستين عاماً من العمل بالدستور الحالي تعيش أزمة الرؤوس المتعددة، وهذا الأمر ليس صحياً على الإطلاق.

فمن المساوئ، أن بعض النواب مارسوا ما يشبه الديكتاتورية على الوزراء والشعب، وفرض وجهة نظرهم، ومزاجيتهم، والتبجح بذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يدل على مدى استخفافهم بالمؤسسات.

ففي الوقت الذي يتجه العالم فيه نحو الانفتاح بعضه بعضا، يتعمّد هؤلاء إغلاق كل المنافذ على الناس، فيمنعون الفرح والبسمة، أكان في قوانينهم المتخلفة، ومنها "الظواهر السلبية"، التي لا توجد إلا في الكويت، أو عبر الضغط على الوزراء للتخلي عن قراراتهم، والمؤسف أنهم يرضخون لهم خوفاً من المساءلة، وهذه سمة واضحة في كل الحكومات المتعاقبة.

يعني هذا أن النواب هم من يحكمون، وليست المؤسسات الدستورية، بينما البلاد تحتاج إلى كل جهد وتعاون بين السلطات كافة من أجل إصلاح ما خرّبته الممارسات الكيدية والعبثية، واستغلال النفوذ، أكان في وقف المشاريع الإنمائية، أو بالتدخل في التعيينات، ولهذا تعيش البلاد الفقر، أكان في البنية التحتية، أو خدماتها، وشعبها يئن من كثرة الأزمات، بينما النواب كلٌ يغني على مصالحه الخاصة.

آن الأوان كي تخرج البلاد من هذه المحنة، ويكون لديها دستورها الجديد المبني على أسس متينة، أما الذين يحرمون ذلك ويهاجمون من يطالب بذلك، ويمنعون تطور الدولة، فهم المستفيدون من هذه الفوضى، الذين يتغنون بالديمقراطية، بينما هم أبعد ما يكونون عنها، لأنهم يدركون أنه متى توضّحت العلاقة بين السلطتين، لن تكون لهم سلطة على الآخرين لتحقيق كل ما يسعون إليه من منافع شخصية.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار