مختصر مفيد
إذا أخذنا الطبيعة نموذجاً لنا، فسنجد أن الشجرة عندما تنمو فإنها تفقد بعض أوراقها، من وقت إلى آخر، لكنها تظل تنمو وتعوض خسارتها من الأوراق، والنتيجة النهائية هي انها تكبر وتنمو، لكنها لن تصل الى حجمها الكبير هذا بدون خسارة وبعض الكفاح.
كان أحد الإغريق يعاني من إعاقة خطيرة في النطق، وحتى يتخطى هذه العقبة، أخذ يتدرب على الحديث بوضع حفنة من الحصى في فمه، على أمل أنه حين يتقن الكلام تمام الإتقان فسوف يمكنه التحدث أمام الجميع، بل ويخطب في الناس، فأصبح هذا الإغريقي، ويسمى ديمو سنرينز، واحداً من أعظم الخطباء في التاريخ.
وحاول أحد الأميركيين دخول مجال التجارة في سنة 1831 فخسر تجارته في العام التالي، ثم دخل مجال السياسة لكنه فشل أيضاً في هذا المجال، فعاد الى التجارة في سنة 1834 لكنه خسر، فعاد ثانيةً الى السياسة على أمل الفوز في انتخابات البرلمان، لكنه لم ينجح فيها، ولم يفز أيضاً في انتخابات سنة 1858، لكنه فاز بعد ذلك برئاسة الولايات المتحدة! هذا الشخص هو أبراهام لنكولن.
هناك أيضاً أنور السادات الذي بدأ حياته كفلاح بسيط، وكان وينستون تشرشل طالباً فقيراً مصاباً بإعاقة في الكلام، فأصبح من كبار الساسة البريطانيين، وكان رئيس الهند السابق أبو بكر زين العابدين أبو الكلام قد نشأ من أسرة هندية فقيرة، فلم يملك نفقات الدراسة، لكنه بذل جهداً شاقاً لمواصلة تعليمه، فأصبح فيلسوفاً عالماً، ورئيساً لدولة كبيرة مثل الهند.
وقال المهاتما غاندي: "ان القوة لا تأتي من القدرة البدنية، إنما من العزيمة التي لاتُقهر"، وفي اسبانيا تم فصل الطالب خوليو إغليسيس
من المدرسة الثانوية، لكنه أصبح واحداً من أفضل المطربين.
في المجال الرياضي، ظهرت العزيمة والإصرار على التفوق عند الألمان، فبرلين كانت تخطط منذ العام 2001 لهزيمة البرازيل في مباراة كأس العالم لكرة القدم في صيف عام 2014، أي أنها بذلت 13 سنة في تقوية فريقها الرياضي، واستطاعت ان تفوز على البرازيل بنتيجة ساحقة هي سبعة اهداف مقابل واحد.
قال والت ديزني: "كل المحن والعقبات التي أصابتني في حياتي منحتني قوة"، ومما قيل في التغلب على المصاعب: ان الإرادة القوية تحرك الجبال، وكنز الرجل هو كنزه من الأخطاء، الحياة سلسلة من الهزات النفسية تجعل بعض الناس من رجل الى سوبر رجل، وقال الشاعر الروماني هوراس" "إن المحن تكشف عن العبقرية، والرخاء يُخفيها".
سأل صديق صديقه: لماذا لا يهديني الله الى الطريق المستقيم؟ فرد الاخر: لكن الله يرشدك بالفعل الى الصواب من خلال أخطائك"، وهكذا، إننا نتعلم من خسارتنا أكثر مما نتعلمه من انتصاراتنا، فعندما نخسر، نفكر في أسباب الخسارة، ونحللها، لماذا وكيف، ونعيد ترتيب أوراقنا، لكن عندما نفوز نحتفل بالفوز فقط.
المحن والأخطاء يمكن ان تكون نعمة، فالصدمة قد تحرك في الإنسان التفكير الخلاق وروح الإبداع، فالمحن والشدائد قد تدفعه إلى "التفكير بعمق" مما يترتب عليه تغيير شخصيته نحو الأفضل، لكن أكثر الناس لا يحاولون استخلاص الدروس من المصاعب والمحن، إذ يعتبرونها تجارب مؤلمة فقط.
ففي هذه الصعاب يجد الإنسان من خلالها حلولاً لمشكلاته، فرب ضارة نافعة، فبالعزيمة والإصرار على التفوق ينال المرء ما يريد، فليفهم الشباب الكويتي هذه الدروس وليطور نفسه بنفسه، ولا يعتمد على الحكومة لتساعده، فالحكومة نفسها تحتاج الى دروس في تطوير الذات، وليتها تستفيد من تجارب الأمم والدروس التاريخية.
ليت حكومتنا تصحو من سباتها العميق، فيبدأ المسؤولون بتطوير أنفسهم لينتفع المجتمع بهم، إلى جانب هذا فإن شبابنا لا يقرأ حتى يستفيد من دروس التاريخ والعبر.