فرص العمل، والسكن، وغلاء المعيشة، مثلث يقلق الشباب الكويتي وهم في سعيهم الجاد نحو بناء الذات والإنجاز والاستقرار الأسري، ويقف شبابنا في حيرة وتساؤل: لماذا لم تفلح حكوماتنا المتعاقبة في معالجتها بحلول مستدامة تضمن لهم العيش الكريم والإطمئنان، من دون قلق على المستقبل، خصوصا وهم في بلد قد أفاء الله عليه بالخيرات والنعم، فهل معالجة البطالة بحلول مستدامة أمرا صعبا، وهل توفير إسكان مناسب للشباب أصبح معضلة، وهل احتواء غلاء المعيشة صار صعب المنال؟
قطعا الإجابة لا لكل منها.
إن الشباب الكويتي عماد المستقبل، بل هم المستقبل، وهم الكويت المقبلة، وإذا ما أردنا مستقبلا مشرقا، وكويتا مزدهرة، فإن معالجة مشكلاتهم، وتحقيق الاستقرار لهم، وتوفير متطلبات عيشهم، من تعليم جاد وعمل منتج ومسكن كريم، هو المدخل لضمان عيش كريم لهم، وهو الأرضية الصلبة التي عليها يؤدون دورهم في خدمة وطنهم، أفلا ننتبه لذلك، ونهتم به، ونعمل من أجله.
ولنأخذ من تجارب الآخرين دروسا وعبرا، ولنقارن بين من نجحوا ومن فشلوا، ولتكن سنغافورة، على سبيل المثال، وهي تجربة ثرية ومضرب الأمثال.
فقد قاد لي كوان يو سنغافورة ثلاثة عقود، ونقلها من دولة فقيرة محدودة الموارد إلى مصاف الدول الأكثر ثراء، فماذا كانت أولوياته حين بدأ؟
التعليم والعمل المنتج، والاستقرار الاجتماعي، والإسكان وإصلاح الاقتصاد، هذه كانت جميعها على قائمة أولوياته، وكان الشباب السنغافوري في قلب كل ذلك.
لم تكن لبلاده موارد وثروات، وكانت كل أدوات كوان يو الرؤية الثاقبة، والتخطيط الفعال، والقرار الجريء، فهل هذه الأدوات صعبة المنال علينا؟
بيت القصيد هنا، أن ما يواجهنا من تحديات، ومنها ما ذكرته من مشكلات تواجه شبابنا، ليست ضربا من المبالغة، ولا هي معضلات تستعصي على الحل، وكل حلولها في متناولنا، وسوف تسعفنا أولويات لي كوان يو، وأدواته، وهي شائعة في الدول التي نجحت. وتكفي الإشارة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لسنغافورة تجاوز العام الماضي 528 مليار دولار، وهي بلد فقير بالمواد الطبيعية، غنية بمواردها البشرية.
إن علينا أن نواجه تحدياتنا بالرؤية والقرارات السليمة، ونؤهل شبابنا بالعلم والعزيمة، فجيل آمن مطمئن في الحاضر، سيكون الوسيلة لمستقبل مشرق واعد.