حوارات
"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ"(إبراهيم 7).
يشير مصطلح كِفاية الرِّزْق في هذه المقالة الى دلالة جوهرية محدّدة: ما يحتاجه الإنسان المسلم من مال لعيش حياته على قدر احْتِياجاته الفعلية، وبحدود ما يفي بمتطلباته الشخصية، أو الأسريّة الأساسية التي لا غنى عنها، ورضاه وقناعته الصادقة بهذه الكفاية في الرِّزْق. فمن يحقّق هذا التوازن الأخلاقي (كِفاية الرِّزْق)، سيحقّق أيضا توازنات في أغلب جوانب حياته، ومن بعض مبادئ وسلوكيّات هذه النظرة المتوازنة تجاه "الرِّزْق" في حياة الإنسان، ونتائجها الإيجابية، نذكر ما يلي:
-مبادئ وسلوكيّات كِفاية الرِّزْق: يكتفي المرء العاقل بما يأتيه من رِزق عندما يؤدي هذا الرِّزْق الى سدّ حاجاته المعيشية الأساسية، ولا ضرر بالطبع في الرغبة في الحصول على المزيد من المال، لكن يجب ألاّ تطغى هذه الرغبة على الانسان حتى يتحوّل شخصا طمّاعا وشرها ونهِما، فمن يشكر نِعَمَ الله عز وجل عليه، ويتعامل معها وفقا لما تستحق، يُحصُّنها من الزوال.
والمُكتفي برِزْقِه هو أيضا فرد مُسْتَغْنٍ عن الناس، ومن يَستغْني عمّا في أيدي الناس، ويترفّع بنفسه عن طلب العون منهم، يعينه ربُّ العباد ويكفيه رِزْقه، وكلما اتخّذ العاقل القناعة كمعيار سلوكيّ يتّبعه في شؤون حياته الخاصة، وأثناء تعامله مع الآخرين في الحياة العامّة، تؤدي به هذه القناعة الى التوقّف عن السعي وراء ما لا ينفعه في دنياه وفي آخرته، وستُوُجِّه بوصلاته الفكرية، والنفسيّة، والروحية ناحية ما سينفعه في الآخرة.
-النتائج الإيجابية لكِفاية الرِّزْق: تتّسم حياة من يكتفي بما رزقه الله، عز وجل، بالاستقرار النفسيّ، وبالثقة شبه التّامة بالنفس، وبترسّخ الاكتفاء الذاتيّ، وبتأصّل الاستقلالية في نفسه، ما سيُعَمِّقُ لديه الشعور بالطمأنينة الروحيّة أنّ من كفاه رزقه في هذا الوقت، وفي هذا المكان، سيكفيه رزقه في أي وقت، وفي أي مكان، وتؤدي القناعة بكِفاية الرِّزْق الى اهتمام الانسان باكتساب التقوى والأخلاق الفاضلة، وبإحسانه في عمله، وبشعوره بالفخر المستحق بنفسه، فلا هو يتطلّع الى ما في أيدي الناس، وهم في نفس الوقت يدركون هذا الأمر عنه، ويحترمونه بناءً عليه.
كاتب كويتي
@DrAljenfawi