شدّد في ذكرى انضمام الكويت إلى الأمم المتحدة على الشراكة الوثيقة
تحديات اليوم الأكثر شدة وتضع النظام الدولي تحت ضغوط هائلة وأمام أصعب اختبار
قيادات الكويت المتعاقبة خطّت سياسة خارجية تتسم بالاعتدال والعقلانية
أكد وزير الخارجية عبدالله اليحيا أن المجتمع الدولي يمر بمرحلة غير مسبوقة من ناحية تعقيد وتشابك وترابط القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية ببعضها البعض، علاوة على آثارها متعددة الأبعاد على مجتمعاتنا ودولنا، لافتا الى ان المشهد الإقليمي والدولي مليء بالتوترات والتحديات غير التقليدية العابرة للحدود، مثل تغير المناخ والتهديدات السيبرانية والجريمة المنظمة.
وقال اليحيا ـ في كلمة له بمناسبة ذكرى انضمام دولة الكويت إلى الأمم المتحدة التي تتزامن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة ـ ان عالمنا يواجه اليوم تحديات تعد الأكثر شدة منذ عقود، ما يضع النظام الدولي مُتعدد الأطراف تحت ضغوطات هائلة وأمام أصعب اختبار لقدرة صمود واستمرار منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
واضاف: في خضم هذا البحر من الأمواج المُتلاطمة، تسير سفينة الكويت عبر محيطات السياسة الإقليمية والدولية بكل ثقة وثبات، بفضل حكمة قيادتها السياسية المتعاقبة، التي خطَّت سياسة خارجية تتسم بالاعتدال، والعقلانية، والتوازن، مستندة الى القانون الدولي والمقاصد والمبادئ النبيلة لميثاق الأمم المتحدة، مؤمنة بالعمل الدولي مُتعدد الأطراف، داعمة للحوار وتقريب وجهات النظر وإزالة الخلافات، مُنتهجة ديبلوماسية أهلتها لبناء الجسور وخلق شبكات متنوعة من العلاقات تخدم السلام وتحقق السلم والأمن الدوليين.
وتابع قائلا: إننا إذ نقف اليوم عند إحدى أهم الموانئ الديبلوماسية الدولية، وهي الأمم المتحدة، التي نحتفل اليوم بذكرى مرور 61 عاما على انضمام الكويت لها في عام 1963، فلا بد من تبيان ما نرتبط به من شراكة وثيقة مع هذه المنظمة العريقة، ولعل ما يميز هذه الذكرى هذا العام قرب تزامنها مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التي اختتمت أمس.
وأوضح ان المسؤولين الذين التقاهم غوتيريش اعربوا عن اعتزاز الكويت بعلاقتها المتميزة مع الأمم المتحدة، والرغبة الصادقة في تعزيز هذه الشراكة، اذ ترتبط الكويت بشراكة وثيقة مع الأمم المتحدة، منذ اليوم الأول من لانضمامها، حيث رأت في الأمم المتحدة الملاذ الآمن لضمان حقها وسماع صوتها. وبدورها، رأت الأمم المتحدة، ومنذ اليوم الأول أيضاً، في الكويت الشريك الموثوق به والمحب للخير والسلام، والداعم للعمل الدولي مُتعدد الأطراف، والمشارك في الجهود النبيلة والمساعي الحميدة للأمم المتحدة في إطار ركائزها الثلاث الأساسية وهي: السلم والأمن، والتنمية المستدامة، وحقوق الإنسان.
واشار الى تضاعف وتعاظم هذه العلاقة الكويتية- الأممية عبر العقود، نتيجة لما مرت به من محطات بارزة، أهمها الدور الحاسم الذي لعبته الأمم المتحدة في تحرير الكويت في عام 1991 من الغزو العراقي، ما جعل الأمم المتحدة والدور التاريخي لمجلس الأمن في ردع العدوان وانتصار الحق والعدل على الظلم والشر، محفوراً في قلب ووجدان كل كويتي، ليكون تحرير الكويت إحدى أجمل قصص النجاح في تاريخ الأمم المتحدة للتطبيق النافذ للميثاق الأممي.
واستذكر إسهامات الكويت الكبيرة في دعم أهداف ومقاصد الأمم المتحدة، فخلال عضويتها في مجلس الأمن للفترتين 1978-1979 و2018-2019، عملت الكويت بكل فعالية مع بقية أعضاء مجلس الأمن على صيانة السلم والأمن الدوليين بما يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة، لافتا الى ان الكويت ـ أمام الأزمات الإنسانية التي تواجه الدول والشعوب ـ كانت ولا تزال من أولى الدول التي تدعم خطط الاستجابات الإنسانية الأممية سعياً إلى تخفيف معاناة الشعوب المنكوبة.
وعلى الصعيد التنموي، قال: ان دور الكويت رائد في دعم الشعوب والمجتمعات من أجل الوصول إلى التنمية المستدامة، كما يمكن للأمم المتحدة والمجتمع الدولي الاعتماد على استمرار المشاركة الفعالة والحيوية للديبلوماسية الكويتية في مجالس ولجان واجتماعات الأمم المتحدة، لا سيما الجمعية العامة للأمم المتحدة، فضلاً عن مجلس حقوق الإنسان، حيث أن دولة الكويت عضو في المجلس للفترة من ( 2024 – 2026).
وأوضح أن هذه اللمحة الموجزة عن الشراكة الكويتية– الأممية ما هي إلا نقطة في بحر لوصف عمق وجذور ما يجمعنا مع الأمم المتحدة من علاقات وروابط وتعاون وتنسيق، مؤكداً التزام الكويت على مواصلة العمل من أجل الارتقاء بهذه العلاقة الكويتية – الأممية في السنوات القادمة إلى آفاق أرحب، مبحرين كشركاء في السلام بعزيمة لا تلين في وسط مياه السياسة الدولية المضطربة، حتى نصل إلى شواطئ الأمان.