الأحد 08 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 د. سالم الكتبي
كل الآراء

سيناريو النهاية في غزة

Time
الأربعاء 15 مايو 2024
View
50
د. سالم الكتبي

لم يعد هناك ما يمكن الرهان عليه للتكهن بأن أي اتفاق تهدئة سيطوي صفحة الحرب في غزة، اذ تؤكد الشواهد أن الأزمة لا يزال أمامها الكثير من المراحل، بل إن الأسوأ لم يأت بعد فيما يبدو.

معضلات عدة يمكن النقاش فيها ترتبط جميعها بما يحدث، أهمها وفقاً للترتيب المتوقع للأحداث ما سيحدث بالقطاع في حال اجتياح إسرائيلي تتشبث به حكومة نتانياهو كونه بات الضمانة الوحيدة لاستمرارها في ظل تهديدات بعض أعضائها بمغادرة الائتلاف في حال التخلي عن خطة الاجتياح المعتمدة رسمياً.

وإحدى النقاط الجدلية تتمثل في التقديرات الإسرائيلية الخاصة أن الحرب يمكن أن تستمر لسنوات، فيما لا نرى أي منطق في هذا التقدير، بالنظر إلى معطيات الواقع، وما يتوافر لنا من معلومات متاحة، وإذا كان القضاء على "حماس" الإرهابية واجتثاثها من القطاع، فماهي المعطيات التي انطلق منها التخطيط الأولي للحرب؟

السؤال المحوري في هذا النقاش هو: كيف ينظر نتانياهو وحكومته للمستقبل، وهل يأخذ هؤلاء بالاعتبار ما كتب من تحليلات ودراسات بشأن نتائج التصعيد الايراني ـ الإسرائيلي، لاسيما ما يتعلق بامكانية تشكيل تحالف اقليمي دفاعي تشارك فيه دولة إسرائيل؟

وهل حسم نتانياهو وحكومته أمرهم من وجهة النظر التي طرحها بعض الخبراء الغربيين بشأن ضرورة المفاضلة بين اجتياح رفح وتطبيع العلاقات مع السعودية؟

وفي هذه المفاضلة تتقاطع الأولويات الإسرائيلية والأميركية نسبياً، فكلاهما يتفقان على أهمية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية باعتبار ذلك اختراقاً ديبلوماسياً نوعياً كبيراً، لكن التوقيت يضع هذه الخطوة في مرتبة ثانية بالنسبة لإسرائيل، بينما يبدو هذا الخيار أولوية قصوى ملحة وعاجلة للرئيس بايدن الذي لن ينقذه في نوفمبر المقبل سوى انجاز سياسي كبير يصب في مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة معاً، ويتمثل في اتفاق شامل مع الرياض يستهدف إعادة ترتيب الأوضاع الستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط بما يتفق مع توجهات السياسة الخارجية الأميركية ورؤيتها لعالم مابعد أوكرانيا.

الشواهد تقول إن نتانياهو لا يبدو مهتماً كثيراً بالأفكار التي طرحتها واشنطن، التي تقوم على تطبيع العلاقات مع السعودية، والتقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية، بعد التوقف الكامل للحرب ضد "حماس" التي تعد الفصيل الإيراني المتقدم، ويرى أن وقف الحرب حاليا يعني تجاهل دروس السابع من أكتوبر ومنح "حماس" قبلة الحياة لارتكاب مجزرة أخرى ضد الإسرائيليين.

هذه معضلة حقيقية بالنظر الى الواقع، الذي يقول إن بقاء "حماس" في رفح وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع يعني القبول باللا نتائج للحرب، رغم كل التبعات التي حدثت بالفعل، لاسيما على صعيد علاقات إسرائيل وسمعتها دولياً.

في المشهد التحليلي الأوسع، يبدو وضع إسرائيل مرتبكاً إذا فشلت في هزيمة أحد أذرع إيران الميليشياوية، وسيصبح الوضع بمنزلة انتصار ستراتيجي لما تسميه إيران "محور المقاومة"، وانعكاسات ذلك لن تقتصر على إسرائيل، بل على دول الاقليم بأكملها، حيث سيكون الأمر أشبه بضوء أخضر ضمني لإيران للمزيد من العربدة والتمرد براً، وبحراً، وجواً في الشرق الأوسط.

الحقيقة التي لا يمكن التشكيك فيها أن الدول العربية تدرك أن مقاربة العلاقة مع كل من إيران وإسرائيل تضعها تلقائياً في مفاضلة ترفضها ولا تريدها، ولذلك تمضي هذه الدول على خيط رفيع من الحذر حفاظاً على مصالحها الستراتيجية وأمنها القومي.

منطقتنا تعاني من الأساس جراء التوظيف المتطرف للدين من جانب تنظيمات أيديولوجية معروفة تستغل كل ما يحدث في شحن وتأجيج عواطف الشعوب لتصفية حسابات خاصة مع أنظمة الحكم القائمة.

"حماس" بعد إغلاق معبر رفح البري باتت في أسوأ مواقفها العملياتية تعقيداً، ومحاصرة فعلياً من كل الاتجاهات، ولم يعد أمامها سوى خيارات انتحارية محدودة للغاية، وحكومة نتانياهو ـ في المقابل ـ لا تستطيع وقف الحرب بعد سبعة أشهر دون تحقيق نتائج حقيقية، والعرب أيضاً محاصرون بخيارات طرفي الصراع.

والرئيس الأميركي بات يدفع ثمناً فعلياً متزايداً من شعبيته، وربما يكون ضحية لهذه الحرب في انتخابات نوفمبر المقبل.

تحليلي للشواهد أن الجميع في منطقتنا، لا سيما إسرائيل محتاجون للقضاء على الفصائل والأذرع الإيرانية أحد أهم مسببات عدم الاستقرار والإرهاب، ولتفادي ماهو أسوأ وتفويت الفرصة على بعض الأطراف المشبوهة التي تدفع المنطقة دفعاً للاشتعال.

$ كاتب اماراتي

آخر الأخبار