علي النشمي العراقي يعطي لنفسه تعريفاً قد يصدقه بعض، او كثير من الاخوة العراقيين، الذين يتابعونه على القنوات التلفزيونية العراقية، وعليه قد يعجبه، ويعود اليه الفضل في ما يبثه من معلومات علمية، او تاريخية، او جغرافية، بل حتى في مجالات السحر والشعوذة، فعلي النشمي "بتاع كله".
من غرائبه وعجائبه في الوقت الذي كان فيه علماء العراق والباحثون واساتذة الجامعات، والاطباء والمهندسون يغامرون بارواحهم للهروب من جحيم العهد البعثي الصدامي الظالم، كان النشمي يطل على قناتي "العراقية" و"الشباب" (وهي يديرها نجل صدام عدي) وفق ما ذكر لي ذلك أحد الاخوة العراقيين، وانا انقل تلك المعلومات عن النشمي على "ذمة" الاخ، وان النشمي في العهد الاستبدادي والارهابي البعثي كانت القنوات التلفزيونية العراقية مفتوحة امامه.
فالامر المؤكد ان الرجل من عتاة البعثيين، ومن بطانة العهد البائد، وانه كان يغمس خبزه بالدهن بينما ملايين العراقيين كانوا يعانون ضيق العيش، وعسر الحياة والخوف.
كل ذلك لا يهمنا، طالما نجح بالقفز من السفينة البعثية وخرج على الملأ بلباس الوطني النظيف.
قلنا آنفاً ان الدكتور النشمي لم يكن متخصصاً في مجال بحثي اوعلمي فقط، انما نراه يتحدث كالباحث المتبحر في التاريخ، والجغرافيا، وعلوم الانساب والانسانيات.
عادة يوصف الاديب المتواضع بتواضع العلماء، الا ان النشمي يطل من على شاشات التلفزيون ويكاد انفه يلامس سقف الاستديو، اعتدادا بنفسه، ناهيك عن اناقته الصارخة، وكانه من نجوم هيوليوود.
ماذا قال النشمي حتى يجرنفسه الى الورطة، فهو تطرق الى الحدود الكويتية - العراقية بكلام لا علاقة له بالوقائع، والتاريخ، وما تم الاتفاق عليه بين الدولتين، والحدود المرسومة والاتفاقيات الموقعة.
معلوماته يبدو انه استقاها من مؤلف رخيص تافه كتبه نقيب المؤرخين العراقيين الدكتور مختار اثناء احتلال القوات العراقية للكويت في الثاني من اغسطس 1990، واجبره صدام حسين على كتابته، وهو غير علمي، ولا تاريخي، لكن الرجل كتبه انقاذا لرقبته من الاعدام، فاتى بمعلومات وتواريخ ووقائع مفبركة، لا تستند على حقيقة الوقائع التاريخية النزيهة التي اتفق عليها البلدان.
وعندما يستند النشمي على كتاب مزور لا هدف منه الا دغدغة مشاعر البسطاء والجهلة والسذج المدفوعين من احزاب مفلسة والقصد منها الاستفزاز وتهييج الاخوة العراقيين، لا سيما المحافظات الجنوبية، التي تعاني من الاهمال والتجاهل من الحكومات المحلية والحكومة المركزية.
فهناك زمرة من العاطلين جاهزة للخروج الى الشارع و"الهوسة"، والقذف بالكلمات البذيئة سواء على اطراف عراقية او على دول، وهو ما حدث قبل بضعة اشهر من اثارة موضوع ميناء مبارك الكويتي من قبل فلول بعثية بزعم خور عبدالله عراقياً.
هنا لا اقول الا قول رب العزة و الجلال "واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما"، فالنشمي لا يريد ازالة الكويت، لكنه يطالب بنصف مساحتها، زاعماً ان الخلاف ليس على خور عبدالله، وان حدود العراق الى مدينة المطلاع الكويتية.
رغم ان معلوماتي الجغرافية او التاريخية في هذا الشأن بسيطة، ورغم اعتلال الصحي انغمست في الاسبوعين الاخيرين بالبحث والقراءة والمراجعة في كل ما طالته يدي وسهل عليَّ قراءته، حتى اصدق فرية النشمي فلم اجد.
حدود الكويت مع العراق تم ترسيمها في الاتفاقية التركية البريطانية عام 1913، وكل ما يتعلق بالحدود بين البلدين كانت الاتفاقية التركية - البريطانية المرجعية، والمثبت الاول لمسألة الحدودالكويتية - العراقية، ولم اجد اشارة حول خط المطلاع، فمن اين وكيف استقى النشمي كذبة المطلاع، هل حلم بها، ام اخرجها من تحت ابطه؟
يا اخي حدود الكويت معروفة والمطلاع جزء من ارض الكويت، ووفق الاتفاقيات فإن حدود الكويت بدءاً من جنوب صفوان، اما غير ذلك فهو افتئات وجور على حق الكويت.
ان مطامع العراق في الكويت لا تنتهي، فكل يوم فصل جديد، ومعزوفة جديدة يعزفها جاهل او متبجح.
ان هؤلاء يلقون الكلام على عواهنه ولا يهمهم اذا كانوا يثيرون مشكلات غير موجودة ولا يهمهم الجيرة والعلاقات، والمصالح المشتركة بقدر ما يعنيهم اثارة الزعزعة بين بلدين جارين.
اخيراً اقول للنشمي: لا انت ولا غيرك يزيل الكويت، راجعوا معلوماتكم، فعيب على دكتور يدعي العلم والمرجعية، ويغرق في تسطير الكذب لكسب الشعبية.
[email protected]