قصص إسلامية
يقول أحدهم: منذُ 35 سنة، في أول حياتي العملية، ذهبت لإجراء مقابلة في السفارة الكويتية للعمل مدرساً في الكويت، دخلنا صالة كبيرة مليئة بمئات المتقدمين، ننتظر الدخول على اللجنة، فجأة أذن لصلاة الظهر، ونحن ننتظر دورنا.
فخرج رئيس اللجنة إلى صالة الانتظار، وأقيمت الصلاة، وصلى بمعظم الحاضرين جماعة، بينما وقف آخرون في الشرفة، وآخرون جلسوا يقرأون الصحف.
أضاف: انتهت الصلاة، وكانت المفاجأة حين استدار الإمام وقال بالحرف الواحد: كل الجالسين والواقفين في البلكونة يتفضلوا يروحوا على بيوتهم، ولن يدخلوا المقابلة، ثم أكمل وأمر المأمومين خلفه الذين صلوا معه أن يسلموا جوازاتهم للسكرتارية لكتابة العقد وتسلم تذاكر الطيران تمهيدًا لسفرهم بعد أسبوع، ومن دون مقابلة.
ثم قال موجهًا كلامه للجميع: كيف آمن على الناشئة والتلاميذ من أستاذ لا يصلي، ولا يحرص على الصلاة ؟ وانتهى الموقف وسط ذهول الجميع، وخيبة الذين لم يصلوا وكنت منهم.
ساقونا إلى خارج السفارة زمرًا كأعجاز نخل خاوية، وكأننا من بقايا أسرى حرب الأناضول.
رغم حزني وقهري إلا أنني فرحت، ولم أغضب، وكانت الصلاة هي المقابلة، وقلت لزملائي الذين نجحوا في هذا الاختبار الإلهي: أنجتكم صلاتكم".
قال محمد بن نصر المروزي: "ولا نعلم طاعة يدفع الله بها العذاب مثل الصلاة.
وكان الرسول(صلى الله عليه وسلم) يقول: "أرحنا بالصلاة يا بلال".
فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، وهي عماد الدين، من حفظها حفظ الدين،ومن ضيعها؛ فهو لما سواها أضيع.
علينا أن نجاهد أنفسنا على أدائها في وقتها بطمأنينة وخشوع؛ لنكون من الذين قال الله فيهم: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون"(المؤمنون:2).
ويجب الابتعاد عن كل ما يشغلك ويلهيك عن الصلاة، فمن حافظ عليها كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها ليس له عند الله عهد، فأي مصيبة أعظم من عدم المحافظة على الصلاة.
ثم إن من أهمية الصلاة وعظمتها عند الله أنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله، كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): إن أول ما يحاسب به العبد: بصلاته. فإن صلحت؛ فقد أفلح وأنجح. وإن فسدت؛ فقد خاب وخسر.
وقد يعتري المرء فتور عن الطاعات، وضعف عن الجد فيها. فللنفس إقبال وإدبار، لكن الفرائض لا بد من المحافظة عليها في كل حال.
وقد ذكر ابن القيم في "مدارج السالكين" أن عمر (رضي الله عنه وأرضاه) قال: إن لهذه القلوب إقبالاً وإدباراً. فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل، وإن أدبرت فألزموها الفرائض.
وقد أشار ابن القيم إلى أن الفتور يتخلل حياة المسلم أحيانا، فإن التزم بالفرائض ولم يقرب المحرمات، رجي له أن يعود خيراً مما كان.
ومما يساعدك على الإقبال على الصلاة بجد وعدم التهاون بها:
1 - معرفة الأجر الكبير المتحصل عند أداء الصلاة؛ وأنها الوسيلة التي يتصل من خلالها العبد بخالقه، فيدعوه، ويطلب معونته.
2 - مصاحبة الصالحين، فخير معين على الالتزام وفعل الخير الصحبة الصالحة.
3 - حضور دروس العلم الشرعي -إن وجدت- أو قراءة سير السلف الصالح والعلماء العاملين.
4 - الإكثار من قراءة القرآن ومن ذكر الله، والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم)، والاستغفار، والدعاء أن يشرح الله صدرك للصلاة.
5 - تذكر الآخرة باستمرار، والإكثار من فعل الخيرات، والابتعاد عن كل ما حرمه الله، ودوام التوبة إلى الله عز وجل.
[email protected]