يحكي لنا التاريخ قصة الصراع الدائم بين ثنائية الخير والشر، ولكل منهما قادة وأتباع، ومنهجه وأدواته، فالخير هو ما تمثله الفطرة السوية المحبة لإعمار الأرواح في أجواء من الحرية المُطلِقة لمكنون الإبداع والنفع للأفراد والمجتمعات.
على النقيض يكون اتباع منهج الشر حيث الانغلاق والجمود والحقد والعدوان، وتعطيل مسيرة نهضة أي مجتمع وترسيخ الإفساد فيه لكي لا يتقدم أهل الخير في صراطهم المستقيم استغلالا لبعض وسائل الإعلام الكاذبة، التي تقف خلفها دول ومؤسسات تهدف إلى إيقاد نار الحروب بين البشر بتزييف المعلومات، وبرمجة العقول وتحريض بعض الدول على احتلال دول الجوار، والشعوب ضد الحكام، وقد وضح ذلك جليا في الـ 50 سنة الماضية.
هذه الخواطر التي سطرتها في بدء مقالتي تحققت بها، وأنا أستمع إلى الخطاب التاريخي لحضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح، أمير البلاد حفظه الله ورعاه، وهو يخاطب أرواحنا قبل أسماعنا بما عايشناه في السنوات الماضية في وطن يئن من أوجاعه، بعد أن اخترقته الفيروسات اللعينة الدخيلة التي أدت إلى اختلال التركيبة السكانية الأصيلة، وذلك بتزوير الجناسي والنسب، ومن ثم العبث بالهوية الوطنية، التي طالما كانت جيش المناعة الذي يحفظ لوطننا قوته وعنفوانه، في مواجهة كل ما هو دخيلٌ على قيمنا الأصيلة.
لقد توهمت حفنة من الضباع المفسدين، المتدثرين بدثار الجنسية، أنهم يستطيعون أن يعبثوا بمقدرات وثوابت وطن، كان له السبق في كل المجالات بفضل حكامه الأوائل، وذراريهم الطيبين، الذين رسخوا القيم الأخلاقية فى أنفس المجتمع الكويتي الأصيل، قبل أن يرسخوا القيم الديمقراطية والحقوق الدستورية، منذ أكثر من مئة عام.
لقد وسوس لهم الشيطان وزيّن لهم أن الكويت بلا درع يحميها، فجاءهم خطاب حضرة صاحب السمو الذي قضى على أوهامهم، بهذا الخطاب التاريخي المدعوم شعبيا من أبناء الكويت الأصليين، الذين تجري في دمائهم وجيناتهم قيم الانتماء والإخلاص للأسرة الحاكمة، وحكامها العظماء، وما أنجزوه لخدمة ورفعة الكويت قديما وحديثا.
لقد أثلج هذا الخطاب التاريخي الاستثنائي صدورنا، وكشف لنا النور في نهاية نفق مظلم، وأعاد إلى الأذهان كويت الخمسينات والستينات حيث الازدهار الاقتصادي، والإبداع الثقافي والفني، والرياضي والتعليمي.
لقد أحيا فينا الأمل لتصحيح المسار، والعودة إلى الأصالة والرقي، والهوية الحقيقية التي أصبح الحفاظ عليها واجب مقدسا.
وأصبح ضروريا أن نجتهد جميعاً لإعادة تأهيل شبابنا الذين عاصروا هذه الحقبة الظلامية، وتشبعوا بأباطيلهم وخطاباتهم التي كانت، ولا تزال، تستهدف آذان النشء الصغير ليصبحوا مستقبلاً ظهيراً شعبياً لمقاصدهم الدنيئة، بالتحريض على الحكام، وألغاما مزروعة في أرض الكويت الطيبة لتفجير الفتن، وهو نهج معروف لهؤلاء في كل مكان يتواجدون فيه، يليق بمن يتصفون بالخسة والدناءة، ويقتاتون على جهل السواد الأعظم من الناس بجوهر الدين الإسلامى السمح.
لذلك أكرر أنه أصبح من الضروري إعادة تأهيل هؤلاء الشباب والمراهقين، ثقافيا واجتماعيا، وهي مهمة شاقة يجب أن تتكاتف فيها وزارتا الشؤون الاجتماعية، والتربية والتعليم مع أولياء الأمور، لوضع خطة ممنهجة لانتشال أبنائنا من مستنقع أفكارهم المسمومة بالحقد والنقمة على أسرة الحكم والمجتمع والعادات والتقاليد والقيم الأصيلة التي تربينا عليها.
لقد أفسدت يقظة حضرة صاحب السمو مخططاتهم الدنيئة لإحداث الفوضى الخلاقة داخل قاعة تحمل اسم أحد عظماء الأسرة الحاكمة، وأن صبر حضرة صاحب السمو على تجاوزاتهم المتعمدة ما هو إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة التي عصفت بأوهامهم وأمانيهم، وحطمتها على صخرة الحكم الرشيد للأسرة الحاكمة العريقة.
انها بداية مرحلة لتطهير كل مؤسسات الدولة من رجس ودنس الفاسدين المفسدين، وخصوصا مزدوجي الجنسية، ومن يدينون بالولاء للأجندات "الإخوانية" والفارسية المعلومة للكل، التي تسعى الى شق الصف الوطني تحت ستار الدين والمذهب، ولنا في قضية "خلية العبدلي" خير شاهد ودليل على ما يحاك ضد الوطن من دسائس ومؤامرات، وهم لا يعلمون أن كل الأديان والمذاهب تبرأ من خونة الأوطان ومرتزقة الفساد وأرباب المنافع الدنيئة.
إن جسد الوطن سوف يلفظ هذه الشرذمة، عاجلاً أم آجلاً، مستعينين بالله سبحانه وتعالى، وتوفيقه لحضرة صاحب السمو، حفظه الله، مدعوما من الشعب الأصيل الوفي الأمين.
والله نسأل أن يحفظ علينا نعمة الأمن والرخاء تحت القيادة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الحق والعدل خطاه، وأن يلهمه التوفيق لحفظ أمن الوطن وسلامة أراضيه.
كاتبة كويتية