الخميس 17 يوليو 2025
39°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
إصلاح خراب دهر...  علاجه مُر لا بد منه
play icon
الافتتاحية

إصلاح خراب دهر... علاجه مُر لا بد منه

Time
الاثنين 27 مايو 2024
View
360
أحمد الجارالله

لنتحدث بصراحة، ربما تكون جارحة في بعض المواقع: لقد صبرت غالبية الشعب الكويتي على الخراب والفوضى نحو أربعين عاماً، وزاد الأمر سوءاً بعد التحرير، عندما ظهرت مراكز النفوذ بأبشع الصور، وتعددت الصلاحيات الموهمة، لأن هناك من رأى نفسه حاكماً عبر الأمر الواقع، لأنه إما لديه حصانة قبلية أو طائفية، وإما بسبب منصبه كممثل للشعب، إلى حدّ أصبحت المؤسسات أشبه بالمزارع.

في تلك الفوضى، حتى الضابط كان يأمر وينهي، وكأن لا قانون في البلاد، بل تُدار المخافر بقوة عزوة القبلية أو الطائفية أو وجاهة المنطقة، وعلى مبدأ "شيلني وأشيلك"، حتى شعر المواطن بأن ملاذه الأمين لا يرد له حقه، لأن سيادة المنافع طغت على كل شيء.

هذه الفوضى جعلت الناس تقلق على مصيرها، لأن الفساد ضرب حتى أساسات الدولة، وركنها الركين، ألا وهو القضاء، بسبب أن بعض المؤتمنين على حقوق الشعب خانوا الأمانة، وعملوا وفق مصالحهم، وأيضاً لأن التردد ساد الوزارات، وخيّبت بعض مجالس الوزراء ثقة الحاكم والشعب معاً.

لذا، رأينا النهب من المال العام أصبح "شطارة" و"فهلوة"، والحفاظ على حقوق الناس "هبل" و"قلة حيلة"، لأن المتخاصمين على الصلاحيات والسلطة استخدموا كل الأدوات البشعة في صراعهم من أجل الوصول إلى أهدافهم، وصار لكل منهم فريقه، أكان في المؤسسات، أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي، للدفاع عنه، من هنا رأينا فساد المشاريع، وتعظيم كلفتها إلى حدود لا يتصورها العقل، وإنفاقاً غير طبيعي، من دون رؤية علمية وواقعية، ولا رقابة، نتيجة قوانين سُنَّت لخدمة مجموعة معينة، وليست لمصلحة الكويت.

كل هذا وأعظم منه عاشه المواطن طوال العقود الثلاثة الماضية، حتى شعر في مرحلة ما أن ثمة من يحاول تكفيره في وطنه، لذا حين تيسر للأمة طبيب حكيم، يسعى إلى خلاص شعبه، وبدأ العلاج أولاً بالتحذير والتنبيه من مساوئ تعدد السلطات، وعدم الفصل فيها بما أمر الدستور، والتعدي على الصلاحيات، لكن كل هذا لم يُثنِ أصحاب الضمائر الخربة عن غيهم، فكان أمره الحازم بوقف كل تلك الفوضى، لأنه تعهد منذ البداية أن يعيد إلى البلاد الريادة، وفي كل المجالات، واتخذ إجراءاته الحاسمة.

وأيضاً، على هذا الأساس، كان تحذير رجل العهد، صاحب السمو أمير البلاد الواضح للوزراء في أول اجتماع للحكومة الحالية، بقوله حرفيا: "نحن في مرحلة جادة، وسأحاسب المقصر، فالشعب ينشد إنجازات فعلية، ونريد عطاءً لا محدوداً وسأتابع تنفيذ أعمالكم".

اليوم يشعر المواطن ببداية الانطلاقة، وكما في كل الأزمان، هناك متمصلحون من الفوضى يسعون إلى وضع العصي في الدواليب، ويعملون على عرقلة المسيرة بشتى الطرق، عبر إشاعة أسئلة غبية، الهدف منها الصيد في الماء العكر، نقول لهم: إن العلاج المُر سمة البدايات الصعبة، وإصلاح خراب دهر لا يمكن أن يكون بين ليلة وضحاها.

علينا الإيمان بأن المسيرة بدأت، ووفقاً لما نلمسه حالياً، فإن مع نهاية العام ستكون الكويت ورشة إعمار، ليس فقط في الحجر، بل أيضا في المؤسسات، فما قاله صاحب السمو الأمير إلى الوزراء من أن سموه سيحاسب المقصرين، ينطبق على الجميع، فحين يأخذ رئيس الدولة على عاتقه مراقبة أعمال الوزراء، فإن على هؤلاء أن يكونوا على قدر من المسؤولية ليمارسوا عملهم على أكمل وجه، وأن يكونوا قدوة لمرؤوسيهم.

  • أحمد الجارالله
آخر الأخبار