سيف العجمي

زين وشين

والله لا أعرف هذا الإنسان الفاضل سيف العجمي، ولا اعرف ولده المرحوم اللاعب شلاش سيف العجمي، الذي توفي بعد سقوطه اثر لعبة مع صديقه، ولا اعرف المتوفى، رحمه الله ولا المتسبب، لكن رفع رأسي ورأس كل مواطن كويتي حريص على ان تسود مجتمعنا مكارم الاخلاق.

ذلك الموقف العظيم لهذا الانسان الفاضل سيف العجمي، الذي خرج من عزاء ولده وذهب إلى النيابة ليتنازل عن الذي تسبب بقتل ولده، ويخرجه من السجن من دون ان يطلب منه ذلك، ومن دون ان يطرق بابه احد، ولا جاهية، ولا مجاميع ترابط امام بيته ليل نهار، وتترجاه ليتنازل، ولا قبيلة تجتمع ويذهب كبارها بالعدد والعديد، بعضهم يحمل كفنه، يطلبون منه التنازل.

ولم يطلب منهم دية كبيرة تفرض على المتسبب، تصل إلى ارقام فلكية تثقل الكاهل، والله وحده هو الذي يعلم كيف يتم جمعها، كما نرى ونسمع، ونتابع ما يجري عند بعضنا، وفي بلدان شقيقة مع الأسف.

فقد كانت تجارة هذا الانسان الكبير سيف العجمي مع الله سبحانه وتعالى، طالبا الاجر والثواب من الخالق عز وجل، ولم يلتفت إلى الدنيا، فجزاه الله خير الجزاء، وأثابه على عمله الخالص لوجه الله، وأكثر من امثاله.

لقد قدم للكويت واهلها النموذج الطيب للقلب الكبير الطيب، الذي باع الاولى واشترى الاخرة.

وبمثل هذا الانسان الرائع تقتدي الناس، لذلك يجب ان يسلط الضوء الكاشف على مثل هذه المواقف البطولية، لتسود روح المحبة والتسامح والإيثار بين الناس!

تعودنا على رؤية خيام "العانيات" التي تطلب من الناس التبرع لسداد دية هذا او ذاك، لإنقاذ رقبة فلان الفلاني من القصاص، ومثلها المناشدات التي لا تكاد تنقطع للتبرع لصالح قضية قتل من اجل التنازل، وقبلها وفود وجاهيات وأمهات ثكلى تصيح وتنو، من اجل ان يقبل ولي الدم الدية ذات الرقم الفلكي، مقابل التنازل!

وفق الله كل من بذر بذرة خير بين الناس، وعوض هذا الانسان الفاضل سيف العجمي خيرا، واثابه الله وأسرته الكريمة، وجزاهم خير جزاء، فهو القائل سبحانه: "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ".