السبت 19 يوليو 2025
40°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
 أحمد الجارالله
الافتتاحية

بالأمس... الأمير أحمد الجابر رحمه الله واليوم... الأمير مشعل الأحمد

Time
السبت 08 يونيو 2024
أحمد الجارالله

لا نكشف سراً إذا كررنا قول: "ما أشبه اليوم بالبارحة"، فما جرى في الأشهر القليلة الماضية، وحتّم على صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح اتخاذ الإجراءات المنقذة للكويت، هو جزء من مسيرة تاريخية طويلة، مرت فيها البلاد بالكثير من فترات النمو والنهضة، والكبوة، وتهديد المصير الوطني أيضا، وعلى هذا الأساس لا يمكن فصل ما جرى منذ مطلع القرن العشرين عن أحداث اليوم.

بل ربما كان علينا ككويتيين أن نتعظ من أحداث الماضي، ونطور التجربة نحو الأفضل، وليس النكوص والعودة إلى الخلف.

ما دفعني إلى هذه المقدمة هي صورة صاحب السمو الأمير وهو يدير عجلة بدء العمل في مصفاة الزور، والمشهد الآخر من التاريخ، وهو إدارة المغفور له، الشيخ أحمد الجابر الصباح، رحمه الله، في 30 يونيو 1946، عجلة أنبوب النفط في الأحمدي، إيذاناً بتصدير أول شحنة نفط من الكويت إلى الخارج.

لكن قبل هذه اللحظة التاريخية، جرت الكثير من الأحداث في البلاد، بدءا من العام 1938 مع انتخاب ثاني مجلس شورى، وما تزامن من أحداث حينها، أكانت داخلية، نتيجة مغامرات طائشة، أو إقليمية، واستغلال الاستعمار البريطاني والملكية الحديثة العهد في العراق معاً، الأحداث المحلية للضرب على وتر استغلال النفوذ من أجل فرض شروطهما على الكويت، لا سيما في عمليات تصدير النفط.

يومها أيضاً كان العالم يموج بالتيارات السياسية المختلفة، أكان انتصار الثورة البلشيفية وما تركته في العالم من تأثير، أو الأحزاب الإقليمية، من قومية ووطنية وإسلامية، وكذلك المناداة بعودة الخلافة العثمانية، ولأن المجتمع الكويتي ككل المجتمعات فقد تأثر بتلك الأفكار، إلى حد أنه في العام 1939 وبفعل تحريض "إذاعة قصر الزهور" في العراق، التي كان يديرها الملك غازي، خرجت تظاهرة محدودة العدد من الكويتيين تطالب بضم الكويت للعراق.

قبل هذا، سار ثاني مجلس شورى، المنتخب في أواخر عام 1938، على غير ما أراد الكويتيون، فجرى حله بأمر من أمير البلاد الشيخ أحمد الجابر، لأن بعض أعضائه تعدوا حدودهم المتفق عليها في إقرار المجلس، إلى حد أنهم حاولوا فرض ما يتعارض مع التقاليد الكويتية الاجتماعية، وهذا ما رفضه أهل البلاد، الذين أيدوا حل "الشورى".

وبعدها جرت مياه كثيرة تحت الجسور إلى أن وضع في العام 1962 الدستور المعمول به حاليا، والذي أيضا أسيء إليه كثيرا، وجرى خرقه مرات عدة، إلى حد بدأت المطالبات بالخروج عن العقد الاجتماعي الوطني، وزحف النواب والمتنفذون على صلاحيات السلطة التنفيذية من جهة، وتقويض القضاء، وممارسة شتى أنواع تغليب المصالح الشخصية على مصلحة البلاد الوطنية.

وإذا كانت أحداث عامي 1938 و1939 قد تركت بعض الندوب في ثاني تجربة ديموقراطية، بعد مجلس الشورى عام 1921، فإن الظروف التي عاصرت تلك المرحلة قد تكون متشابهة إلى حد بعيد مع ظروف اليوم، أكان من قرع لطبول الحرب منذ عام 1936 حتى اشتعلت شرارتها عام 1939، أو بعدم إدراك بعض المتنفذين الكويتيين يومها حراجة الوضع، يومذاك، لذا فإن ما جرى في السنوات الماضية، والأحداث الإقليمية الحالية لا تختلف عن السابق، بل هي اليوم أكثر حساسية.

لهذا، كان لا بد من التروي في اتخاذ القرار، والحكمة والحصافة في مداراة الأمور بكثير من التأني، لهذا كانت التحذيرات التي أعلنها أكثر من مرة سمو الأمير، الذي تشاء الصدف أن تلقى هذه المهمة الكبيرة والصعبة على عاتق ابن الشيخ أحمد الجابر، رحمه الله، وكأن التاريخ يعيد نفسه.

فاليوم، سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد عمل على إيقاف العنف السياسي وإجهاض محاولات الفاسدين سلب الثروة الوطنية، وبدأ ايضا بإدارة عجلة التنمية التي توقفت منذ العام 1992، عبر إدارة عجلة بدء انطلاق عمل مصفاة الزور، كما أخذ على عاتقه صيانة الأمن القومي للبلاد، من خلال فرض استقرارها محلياً.

لهذا قلنا في السابق ونعيدها اليوم: نحن أمام حاكم وضع نهضة بلاده نصب عينيه، ويعمل على صنع الريادة الكويتية مجددا، كما فعل والده قبل 86 عاما، لهذا صدقت على صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد، أن بين 80 و100 عام يتيسر للأمة، لأي أمة، رجل يوقظها من كبوتها، ويقيل عثرته، ويرجع إليها نشاطها.

آخر الأخبار