سمو رئيس مجلس الوزراء
مع كل إجازة يزدحم المطار بالمغادرين، وكأن هناك هجرة جماعية موقتة من البلاد، ومع اقتراب إجازة عيد الأضحى المبارك، أعاده الله على الجميع بالخير، لا بد من السؤال: إذا كان في إجازة عيد الفطر سافر نحو 350 ألفاً، من مواطنين ومقيمين، إلى الخارج من أجل السياحة، ومن المتوقع أن يكون مع "الأضحى" العدد أكبر بكثير، لذا لابد من السؤال عن سبب الهروب الجماعي إلى الخارج؟
من المعروف بناء على التقارير الصادرة من جهات رسمية، ينفق الكويتيون والمقيمون في الخارج المليارات كل عام في الإجازات كافة، لأنهم ببساطة وقعوا تحت قيود ما أنزل الله بها من سلطان، فالقوانين التي أقرت سابقاً، وكان الهدف منها إقفال البلاد لحاجة بنفس مصدريها، نواباً أو متنفذين، جعلت البلاد صحراء طاردة لكل شيء، أكان منها ما يسمى الظواهر السلبية أو منع الاختلاط، أو تحريم الحفلات والغناء، وحتى المقاهي جرى تحديد ساعات عملها، وغيرها من قرارات وزارية وتشريعات قتلت روح الكويت، التي كانت تسمى قبل عقود "باريس الخليج"، و"درة الإبداع والفنون".
إن الهروب من البلاد سببه عدم وجود أي متنفس يمكن أن يعوض الناس عن السفر من أجل الترفيه عن أنفسهم، حتى الحدائق أصبحت كالعرجون القديم، يسودها اليباس والإهمال، فيما الشواطئ مقفلة إما بالشاليهات، أو مسيّجة لمتنفذين، كذلك ليس فيها أي خدمات تغري الناس على ارتيادها، بينما كانت متنفسهم الوحيد، ويمكن أن تدر على الدولة مالاً، إذا كانت هناك رؤية واقعية لاستثمار كل ذلك في سبيل تعزيز السياحة الداخلية من جهة، ومن أخرى جلب المزيد من الزوار من الخارج عبر مشاريع ترفيهية.
نعم، البلاد مقفلة جراء كل ذلك، وحتى الفتح الجزئي كان بشروط صعبة، لا يمكن أن يتحملها كل الناس، فيما في دول الخليج الأخرى يحصل الزائر على التأشيرة بغضون عشر دقائق إلكترونياً، ولا يحتاج إلى كفيل، أما عندنا يبدو ذلك مستحيلاً.
حتى الجزر التي لدينا يمنع الوصول إليها، فيما منذ العام 2018 ينتظر الكويتيون البدء بمشروع تطوير فليكا الذي نام في الأدراج طويلاً، ولقد استبشروا خيراً في إزالة بعض الأبنية أخيراً فيها، لكن كما هو معهود في البيروقراطية الكويتية لن يكون التنفيذ سريعاً.
سمو الرئيس
في العام الماضي أنفق الكويتيون على السياحة في الخارج 14.3 مليار دولار، فيما استفادت بجزء كبير منه معظم دول الخليج المجاورة التي أولت هذا القطاع الكثير من الاهتمام، بل جعله بضعها مصدراً لتنويع مصادر الدخل، وتعزيز الناتج الوطني.
صحيح أن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، وزير الداخلية اتخذ بعض الإجراءات لفتح البلاد، لكنها ليست كافية لأنها لا تلبي الطموح، لأن فيها شروطاً وتشريعات سنها متخلفون في مجالس أمة سابقة، وباتت بحاجة إلى التعديل الفوري.
الكويتيون لا يريدون أن يتكبدوا الخسائر في سبيل الترفيه عن أنفسهم وعائلاتهم، وبالتالي فإن العائق الذي كان يعرقل التطور قد أزيل بفعل الإجراءات التي اتخذها صاحب السمو الأمير أخيراً، واليوم أصبحت مهمة مجلس الوزراء، الذي باتت لديه أيضا صفة تشريعية، أن يعدل قوانين الإقفال، ويعمل سريعاً على تنظيم السياحة الداخلية، ويفتح البلاد أسوة بباقي دول الخليج والعالم.
وقارنوا بين مساهمة السياحة في الكويت من الناتج المحلي، وهي 1.5 في المئة، وبين حصتها، أي السياحة، في دول الخليج، لتدركوا كم خسرنا في السنوات الماضية جراء إقفال البلاد، وكم سنخسر اذا استمر الوضع على ما هو عليه.
[email protected]