صراحة قلم
استيقظت الكويت على فاجعة حريق عمارة المنقف التي راح ضحيتها 49 عاملاً، غالبتيهم من الجنسية الهندية.
رغم أن رد الحكومة على هذه الفاجعة، وتعاملها معها كان صارماً، واصراراها على محاسبة المسؤولين عنها، إلا أننا نرجو ألا يكون هذا الفعل ردة فعل آنية، حالها حال ردات فعل الحكومة في أحداث كثيرة سابقة، ومن بعدها تشكل لجان تحقيق، تنبثق منها لجان مصغرة ميدانية، وإدارية، ومن ثم تموت القضية في أروقة البيروقراطية. وضع الحكومة حاليا يسمح لها بأعادة الأمور إلى نصابها، بعدما شذت عن الطريق لسنوات عدة بسبب الصراعات السياسية، التي أضعف أداءها، فانتشر الفساد.
فسمو الأمير، حفظه الله، أطلق يد الحكومة، وأعطاها الضوء الأخضر للعمل، والنهوض بالدولة، ومحاربة الفساد، ومحاسبة المتسببين فيه، والمقصرين، وأعلنها صراحة أنه سيراقب بنفسه أداءها، ولهذا يجب عليها العمل بجد في اجتثاث الفساد من جذوره، وإعادة هيبة القانون.
بعدما أعطى النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، أمراً للجهات المعنية بإزالة مخالفات البناء في جميع العمارات التجارية والاستثمارية، من دون إنذار مسبق، تسابق الكثير من ملاك، وساكني هذه العمارات، على إزالة مئات الأطنان من المخالفات، وصرح رئيس قوة الإطفاء أنهم رصدوا 225 مبنى مخالفاً في مناطق المنقف والمهبولة وخيطان، وجليب الشيوخ خلال ثلاثة أيام من اندلاع حريق المنقف.
هذه المخالفات لم تتم في يوم وليلة، بل هي موجودة منذ سنوات، مما يعني أن فساد الجهات المعنية بالتفتيش على هذه العمارات، وعلى رأسها البلدية، هو من تسبب في ارتكاب ملاك، وساكني العمارات، مخالفات البناء، سواء بوضع قواطع سريعة الاشتعال بهدف تقسيم الشقة الواحدة إلى شقتين، أو تقسيمها لغرف عدة، أو بتخزين مواد سريعة الاشتعال فيها، أو تحويل بعض سراديب العمارات ورشاً لصناعة الحديد، أو مناجر خشبية، أو مخازن غير مهيئة لمكافحة الحريق.
لإرجاع الأمور إلى نصابها لا بد من محاسبة كل مسؤول في الجهات المعنية بالتفتيش على مخالفات العمارات، وعلى رأسها البلدية، والإطفاء، وفتح ملفات هذه العمارات على الأقل لخمس سنوات ماضية، ومعرفة من الموظف، والمسؤول الذي كان يفتش عليها ويجدد رخصها، سواء أكانت رخصا تجارية، أو رخص الأمن والسلامة الخاصة بالإطفاء.
لا بد من الصرامة في متابعة سير عمل موظفي الدولة في جميع الوزارات والهيئات الحكومية، ومحاسبة المقصرين في أعمالهم، لأن الفساد الإداري، لا زال مستشرياً في أروقة الدولة، ومن يريد أن يشاهد هذا الفساد، يذهب إلى المجمعات التجارية القريبة من الوزارات، والهيئات الحكومية، خلال الفترة الصباحية، ويرى بأم عينه الكم الكبير من الموظفين والموظفات الجالسين في المطاعم والمقاهي، أو المتواجدين في النوادي الصحية، ولا يرجعون إلى مكاتبهم إلا بعد الساعة 10 صباحاً.
al_sahafi1@