حديث الأفق
- يمكن معرفة الوفي في الشدائد فهو يتفانى من أجل صاحبه
- من النوادر أن تجد امرأة تقبل بضرة لها فكيف إذا كن أربع ضرائر
- الملك:لا أرغب بالذهاب إلى القبر وحيداً فمن ترافقني من زوجاتي؟
- الزوجة الأولى قالت للملك: أنا سأذهب معك إلى قبرك يا زوجي
الوفاء عملة نادرة، ولا يمكن معرفة الوفي إلا في الشدائد والملمات، فهو يتفانى من أجل صاحبه، مهما كانت الصعاب، والسائد أن المرأة التي تزوج عليها الرجل زوجة ثانية، ومهما كانت مكانته وغناه وقوته، إلا أنها تأنف منه، فيما من النوادر أن تجد امرأة تقبل بضرة لها، فكيف إذا كانت هناك أربع ضرائر، كيف تكون حياة الرجل، وكذلك المرأة، ومن هي التي تبقى معه وترافقه إلى قبره؟
عن هذا السؤال تجيب هذه القصة التراثية، عن ملك كان متزوجاً من أربع نساء، ويحب زوجته الرابعة، وهي أحدث الضرائر في قصره، حباً جنونياً، ويعمل كل ما في وسعه لنيل رضاها.
أما الثالثة فكان يحبها أيضا، لكنه يشعر أنها قد تتركه من أجل شخص آخر، أما الثانية فقد كان يلجأ إليها عند الشدائد، وكان يستمع لها ويسمع كلامها.
أما الزوجة الأولى فكان يهملها، ولا يرعاها، ولا يأتيها حقها، ورغم ذلك كانت تحبه كثيراً، ولها دور كبير في الحفاظ على مملكته.
في يوم ما مرض الملك، وشعر باقتراب أجله، ورغم قوته، إلا أنه كان يخاف الوحدة، وأخذت الهواجس تفعل فعلها فيه، فقال في خلده: لدي أربع زوجات، ولا أريد أن أذهب إلى القبر وحيداً، لذا اختار أن يسأل زوجته الرابعة، إذا كانت ترافقه الى القبر، ونادها، وقال لها: أحببتك أكثر من باقي زوجاتي، ولبيت كل رغباتك، وطلباتك، فهل ترضين أن تأتي معي إلى قبري؟
أجابت: مستحيل، وانصرفت فورا من حضرته، ولم تبد أي تعاطف معه، فاستغرب من هذا التصرف، لكنه صمم على سؤال الأخريات، وأراد امتحان زوجته الثالثة، فنادها، وسألها السؤال نفسه، وقال لها: أحببتك طيلة حياتي، فهل ترافقينني الى قبري؟
فقالت: لا بالطبع، فأنا ما زلت في عز شبابي، وجميلة، وعند موتك سأذهب، وأتزوج من غيرك.
وحين رأى ردها، أصيب بخيبة أمل، فقال في خلده، ربما تكون زوجتي الثانية أفضلهن، فطلب من خادمه إحضارها إليه، وقال لها: كنت دائماً ألجأ إليك عند الضيق، وطالما ضحيت من أجلي، فهل ترافقينني في قبري؟
قالت: سامحني أيها الملك، لا أقدر على تلبية طلبك، لكن أكثر ما أستطيع فعله هو أن أوصلك إلى قبرك بسلام.
حزن الملك حزناً شديداً من جحود زوجاته، وهو في غم وإذ بصوت يأتي من بعيد ويقول: أنا سأذهب معك إلى قبرك يا زوجي، وسأكون معك أينما تذهب.
نظر فإذا هي زوجته الأولى، وكانت أصبحت جراء إهماله لها هزيلة مريضة، وبان عليها الكبر، عندها ندم على سوء رعايته لها في حياته، وقال لها: كان ينبغي لي أن أعتني بك أكثر من الأخريات، ولو عاد بي الزمان، لكنت أنت أكثر من اهتم به.
العبر من هذه القصة عديدة، لكن اذا تمعنا في معانيها لوجدنا أنها تتحدث عن أنفسنا، فالجميع لديهم أربع زوجات، إذا أردنا أن نشبه الزيجات هذه بما نعيشه في حياتنا.
ففي الواقع ترمز الزوجة الرابعة إلى الجسد، فما اعتدنا عليه من إشباع شهواتنا، هو أول ما يفنى، اما الزوجة الثالثة هي الأموال والممتلكات التي تتركنا حين نغمض عيوننا الإغماضة الأبدية، وتذهب الى أشخاص آخرين.
أما رمزية الزوجة الثانية، فهي الأهل والأصدقاء والأصحاب، فمهما فعلنا من أجلهم، وضحينا في سبيلهم، علينا ألا نتوقع منهم أكثر من ايصالنا الى قبورنا بسلام، والحزن لوقت، بعدها يعودون إلى ممارسة حياتهم، وكأن لا شيء حصل.
أما الزوجة الأولى فهي ترمز الى العمل الصالح الذي انشغلنا عنه في تلبية شهواتنا، وكنز المال والممتلكات، وضحينا في سبيل الأصدقاء والأهل، رغم انه الامر الوحيد الذي يرافقنا الى الآخرة.
نكشات
- التجارة الرائجة في المجتمعات المتخلفة هي الخطب على حض الناس على الزهد، فيما لا يتحدث الخطيب عن اللصوص الذين يستولون على لقمة الفقراء عنوة.
- المال الحرام يعدم الأحشاء، ويؤدي الى إصفرار الوجوه، والحيَّل مهما كانت متقنة إلا أن التحايل على الخلق ينكشف سريعاً.
- ما أجمل الراحة النفسية، فالجسد يرتاح معها، والذهن يهدأ، ويبدع، أما غير ذلك فتوتر وعصبية مزعجة.
- تخلص من خصال الفقر الستة، وهي: كثرة النوم، والتراخي، والخوف، والغضب السريع، والكسل، والمماطلة، اذا أردت النجاح عليك بالتخلص منها فوراً.
- نريد أن نعرف ما إذا كنا نحارب الوباء أم البلاء أم الغباء، أم الغلاء، أم قلة الحيلة، إنها سنوات التعاسة التي نمر بها في هذا الزمن.
- خطوات الشيطان اتركوها للشيطان، فهو عدو لكم، فهو يأمر بالسوء والحسد والفحشاء.